كسوة الكعبة المشرفة في العهد السعودي
أحمد صالح حلبي
حينما أوقفت مصر إرسال كسوة الكعبة المشرفة عام 1345 هــ، وجه الملك عبدالعزيز آل سعود ـ يرحمه الله ـ بالعمل على صناعة كسوة للكعبة المشرفة ، من الجوخ الأسود الفاخر المبطن بالقلع المتين ، وتم عمل ذلك ، مع عمل حزام مطرز للكعبة المشرفة كتبت عليه آيات قرآنية بالقصب الفضي المموه بالذهب.
وتم إنجاز العمل في فترة قصيرة ، وكُسيت الكعبة المشرفة في اليوم العاشر من ذي الحجة عام 1345هـ ، وفي شهر محرم من عام 1346 هــ أمر الملك عبد العزيز بإنشاء دار خاصة بصناعة الكسوة؛ في منطقة أجياد في مكة المكرمة، على مساحة(1500)م2، فكان أول مصنع لكسوة الكعبة المشرفة بالحجاز بمكة المكرمة .
وأثناء سير العمل في بناء هذا المصنع كانت الحكومة السعودية تقوم بتوفير الإمكانيات اللازمة للبدء في عمل الكسوة ، من المواد الخام اللازمة كالحرير ومواد الصباغة ، والأنوال التي ينسج عليها القماش ، والفنيين اللازمين ، وتم بناء المصنع الجديد من طابق واحد في ستة أشهر ، وفي أول رجب من نفس العام 1346هـ، وصل من الهند إلى مكة المكرمة اثنا عشر نولاً يدوياً، وأصناف الحرير المطلوبة، ومواد الصباغة اللازمة ، والعمال، والفنيون اللازمون ، وكان عددهم ستين عاملاً، أربعون منهم من (المعلمين) الذين يجيدون فن التطريز على الأقمشة، وعشرون من العمال المساعدين . وعند حضورهم إلى مكة المكرمة نصبت الأنوال ، ووزعت الأعمال ، وسار العمل على قدم وساق في صنع الكسوة وتطريزها ، حتى تمكنوا من إنجازها في نهاية شهر ذي القعدة عام 1346هـ ، وظلت هذه الدار تصنع الكسوة طوال عشر سنوات ، حتى تم التفاهم بين الحكومتين المصرية والسعودية عام 1355هـ ، فاستأنفت مصر إرسال الكسوة مرة أخرى إلى عام 1381هـ ، إذ حدث خلاف امتنعت على إثره من إرسالها .
وفي عام 1382 هــ ، أعادت الحكومة السعودية فتح مصنع الكسوة وظلت الكسوة تصنع به إلى عام 1397هـ ، وفي يوم السبت السابع من ربيع الآخر سنة 1397هـ ، تم افتتاح مصنع الكسوة الجديد بأم الجود بمكة المكرمة تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ـ يرحمه الله ـ حينما كان وليا للعهد ونائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا الداخلية ، وقد ناب عنه في حفل الافتتاح صاحب السمو الملكي الأمير فواز بن عبد العزيز ـ يرحمه الله ـ أمير منطقة مكة المكرمة ورئيس لجنة الحج العليا آنذاك.
ويضم المصنع أقسامًا مختلفة لتنفيذ مراحل صناعة الكسوة ، ابتداءً من قسم الصباغة وغزل الحرير ، ومرورًا بعمليات النسيج ، وعمليات التطريز ، وأخيرًا مرحلة التجميع ، ويضم هذا المصنع حوالي (200 عامل) بالإضافة إلى الجهاز الإداري للمصنع ، بإشراف الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي التي أسند إليها الإشراف على المصنع منذ عام 1414هـ ، وتم إدخال تحديثات في صناعة النسيج وحياكة الكسوة .
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز – يرحمه الله- لقي المصنع عناية خاصة ، فقد حصل فيه توسُّع كبير ، وتطوير بإدخال الأعمال الميكانيكية التي يمكن الاستغناء بها عن الأعمال اليدوية ، فتم توفير أحدث آلات النسج والحياكة
ويعرف مصنع كسوة الكعبة المشرفة حاليا باسم ” مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة ” هو الاسم الجديد للمصنع صدور موافقة الملك سلمان بن عبد العزيز على تغيير الاسم في 2017.
افتتح مصنع كسوة الكعبة المشرفة وحدة خاصة للعناية بثوب الكعبة داخل الحرم، ويؤدي هذا العمل أنامل ذهبية اعتادت على ترقيع الثوب وخياطته من كل شد وجذب يحدثه المتعلقون بأستار الكعبة المشرفة من الحجاج والزوار والمعتمرين، ويعمل 8 موظفون في اليوم والليلة لا ينقطعون عن متابعة ثوب الكعبة والاستجابة للبلاغات التي ترد بشأن احتياجه لأي صيانة بشكل عاجل
وتقوم وحدة العناية بثوب الكعبة أسبوعيا بتنظيفه من كل ما يمكن أن يؤثر على رونقه ونظافته كالغبار وآثار الحمام كما يتم تنظيف باب الكعبة والمقابض .
ويقوم قسم صيانة ثوب الكعبة المشرفة ، بمتابعة أعمال شد الحزام وصيانة ثوب الكعبة ليحتفظ برونقه، بالإضافة إلى تثبيت أطرافه.
للتواصل ahmad.s.a@hotmail.com
• كاتب صحفي سعودي