سنغور ” و قالب “أسوأ مسلمين “
أ.فاضل غي
اليوم ٢٠ ديسمبر ذكرى وفاة الرئيس لوبول سيدار سنغور ، حيث كانت وفاته في ٢٠ ديسمبر ٢٠٠١ ، ذكرتني مناسبة المقالة التي كتبتها عن الرئيس الشاعر ” سنغور “عام 1996 بعنوان (الوجه الآخر للستغور ) ونشرت وقتها في مجلتنا ، وكان صديقي الكاتب والأديب السعودي الكبير الدكتور عبد الله مناع يُحضٌر أوراقه لتأليف كتاب عن ” سنغور ” من فرط إعجابه بشعر سنغور وأدبه.. و خاصة بموقف الرئيس الراحل التاريخي في التنحي عن الحكم كمسيحي لصالح الرئيس عبدو ضيوف المسلم ،
زرت د. المناع في مكتبه بجريدة البلاد السعودية في شارع الصحافة بمدينة جدة ، وجلسنا نتعاطى قهوتنا وجذبنا الحديث إلى مشروع كتابه عن الشاعر الذي ملأ اسمه الدنيا وشغل الناس ، وتطرقت أثناء حديثنا إلى مقالتي التي نشرتها تحت عنوان “الوجه الآخر للسنغور ” ، وكان الفحوى ما يجهله الكثير من محبي لوبول سيدار سنغور وأدبه وشعره من انحيازه الذي ظل جاوزا للحد أثناء حكمه للأقلية المسيحية في السنغال، وتهميشه للأغلبية المسلمة ، بل وصل به هذا الانحياز إلى أن طلبت منه الكنيسة تنصير الأغلبية المسلمة في السنغال ، وكان جوابه :” أعجز عن تنصير المسلمين في السنغال .. لأن الإسلام له جذور في المجتمع “
ثم أدف:” لكنني سأحاول وضعهم في قالب ” أسوأ مسلمين “
وقد نجح الرئيس سنغور إلى حد كبير في هذه الخطة، ويتجلى ذلك في العدد الهائل من أنصاف المسلمين في بلادنا ، وتلاعبه برموز الدين الإسلامي من زعماء الطوائف الدينية ، ومحاربته لحملة الثقافة العربية والإسلامية وغيرها ، زد على ذلك ما قاله للطلبة الدارسين في الجامعات العربية خلال جولته التاريخية في العالم العربي ؛ إذ قال وهو يخاطبهم :” لا قبل ولا بعد تخرجكم .. فالحكومة ليست مسؤولة عنكم “
كل هذا وذاك جعلني أتحفظ على هذا التمجيد الذي حظي به رئيسنا السنغالي الشاعر من محبيه والمعجبين بشعره وأدبه وفصاحته في الكتابة والخطابة في حياته ، ولا يزال هذا الحب الذي يكاد يكون تقديسا مستمرا بعد موته..
ظل صديقي الأستاذ الدكتور المناع يصغي إلى حديثي متأثرا ، فلما انتهيت قال لي : والله يا أستاذ فوجئت بهذه المعلومات عن حبيبي سنغور ” وقال :” جعلتني أتوقف عن مشروع الكتاب ” ومضت الأيام والشهور والسنوات ، وكلما جمعني بالدكتور مناع لقاء أشعر بأن الرجل رغم تأثره بمقالتي ككاتب عربي غيور على لغة الضاد ، حريص على المثقفين الأفارقة بالعربية – لازال يكن حبا وإعجابا ل” السنغور ”.
وقبل خمس سنوات اتصل بي صديقي الدكتور عبدالله مناع من جدة ليخبرني بعزمه على تخصيص فصل كامل للرئيس سنغور في كتاب هو بصدد تأليفه
“شموس لا تغيب .. نجوم لا تنطفئ ”
وطلب مني تزويده ببعض مؤلفات ( لوبول سنغور ) .. فوفرت له ما كان يرغب في الحصول عليه من معلومات ، وترجمت له بعض اشعار الأديب والشاعر “لوبول سنغور” إلى العربية.
ومرة أخرى زرت مدينة جدة ، فدعاني صديقي المناع إلى نزهة على كورنيش عروس البحر الأحمر ، ليهديني كتابه القيم الذي خلد فيه أسماء كبيرة من كبار الشخصيات الأدبية والفكرية والسياسية ومن بين هؤلاء أول رئيس للسنغال بعد الإستقلال ” لوبول سيدار ستغور” .
أحسنتم يا أستاذ فاضل
والحقيقة أن الأمر لم يقتصر على السنغال
فبعد فشل الاستعمار الصليبي في تنصير أفريقيا
رغم السنوات الطويلة من الحكم الغاشم
حرص على ترك حكام نصارى
في معظم الدول ذات الأغلبية المسلمة
فإن لم يكن في البلاد نصارى
استخلف على حكمها العلمانيين
وهذا بلا شك أثر على الهوية الإسلامية لتلك الشعوب
بتأثير التعليم والإعلام والثقافة في ظل هؤلاء الحكام
ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره
فكان الشباب الأفريقي في طليعة الصحوة
التي استنهضت روح الأمة
وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ