بلسم الحياة والأحياء .. صاحب القلب السليم
كتب – جبريل عائشة لي
ما رأيتُ تحت أديم السّماء أكثر سعادة وأهنأ حياةً من أصحاب الصّدور السليمة. أولئك الأبرياء الذين يخترعون من أرواحهم الطاهرة، جسورَ الحبّ والفداء، ليعبٌر عليها الآخرون. أولئك الذين يغرسون- فيما حولهم من المساحات- أشجار السعادة، من تضحياتهم، ليستظلّ من ظلالها الممتدة خلق الله؛ الذين اصطلواْ بأشعة الانهيارات والخيبات. أولئك الذين يُحرقون أنفسهم كالشموع ليضيئوا العتمات والظلمات في المعابر والطرقات كيلا يتعثر الذاهبون والمسافرون إلى عتبات المستقبل المنشود.
سرّ الحياة السعيدة، وما يٌعطي لعمر الإنسان معنًى وبركةً وقيمة، يكمن في (خدمة الآخرين ) من التمنّي لهم بالخير والدّعاء لهم عن ظهر الغيب، إلى رسم الابتسامة الصادقة أمامهم، عندما يصلون إلى القمّة ويتربّعون على عروش الإنجازات وأرائك النجاحات.
في كتاب (الزهد لهناد بن السري ) يحكي سفيان بن دينار فقال: قلت لأبي بشير وكان من أصحاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أخبرني عن أعمال من كان قبلنا، قال: كانوا يعملون يسيرا ويؤجرون كثيرا، قال: ولم ذاك؟ قال: لسلامة صدورهم)
ولقد صدق “ليو تولوستوي” عملاق الأدب الروسي عندما قال: ( لا علاقة للنجاح بما تكسبه في الحياة، أو تنجزه لنفسك ..النجاح هو ما تفعله للآخرين) وما أروع كلام الفيلسوف” برنارد شو” عندما قال في كتابه ( الانسان والسوبرمان): المتعة الحقيقية في أن تكرس قوتك في خدمة الآخرين بدلاً من أن تتحول إلى كيان يجأر بالشكوى من العالم لأنهم لا يكرسون أنفسهم لإسعادك.
( فسقى لهما ثم تولّى إلى الظلّ) كن مثل موسى عليه الصلاة والسلام.. ولا تنتظر مصالح ضيقة عابرة عند خدمة الغير .
صديقي القارئ ! حاول أن تنقش بصمات جميلة في حياة الآخرين، ليكون لك ذكرى خالدة في ذاكرة الأرض، عندما تبقى وحيدا في ظلمات القبر بعيدا عن الأهل والوطن نائيا عن العشير والسكن. واعلم أن ما يُميز الأرواح العظيمة عن غيرها من الأرواح، قيمة وجودها بعد عناقها السماء، وصناعتها للأثر الطيب حتى وهي تفترش مثواها الأخير.
السماوي