Articles

الهجرة غير الرسمية وتهور الشباب إلى متى ؟

الإمام عمر جالو

إن بلادنا ، ودول غرب إفريقيا بصفة عامة
كلها تعاني من مشكلة الهجرة غير الرسمية من بعض شبابها ، فتضيع منهم أموال ويموت منهم في البحار الكثير
وإن هذا الامر لخطر جسيم على مجتمعنا وشبابنا ناهيك عن مستقبل الوطن والبلاد.
فالله المستعان وعليه التكلان.
إن شأن الهجرة غير الرسمية ليس وليد اليوم او بالأمس، بل هو أمر قد حدث ويحدث منذ سنين عددا وأعوام عدة.
حتى صار لها اسم واصطلاح خاص، وشعار مشهور عندنا، ألا وهو إما إلى “برسا” وإما إلى “برزخ الآخرة”، بمعنى إما السفر إلى برشلونا، أو الموت والسفر إلى الحياة البرزخية.
الغريب أن هذه الظاهرة دامت أمدا يقارب الآن نحو ثلاثين سنة بهذه الصفة المتزايدة المتتابعة، والظاهر أن السلطات لم تخط خطوة تطبيقية لطرح حلول مناسبة في علاج الظاهرة، وإن كان هناك ثرثرة إعلامية كثيرة عن هذه الظاهرة المتفشية.
وهنا نقف وقفة تأمل لبيان الخلل الموجود في كيفية إدارتنا للمشكلات والأزمات في وطننا الحبيب السنغال الغالي علينا جميعا، وقبل التوغل في ذكر أسباب هذه الهجرة وأنواعها، وما تحويها، من ملاحظات عامة، ومن ثم علي آثارها على المجتمع! والحلول المناسبة لعلاجها.
مع الأسف يا أيها الإخوة المؤمنون، إن عاملين كالفقر والجهل مصيبتان عظيمتان، يعكسان ويؤثران على التفكير ويجعلان الإنسان يستهلك كل شيء ولا ينتج.
والملاحظ حتى المفردات نستهلكها كما تأتينا من غيرنا خاصة مصطلح “مكافحة” الهجرة غير الرسمية، ومثلها “محاربة” وباء “كورونا”، وكذا “مكافحة” الفيضانات، ثم “محاربة” الملاريا، أضيفوا إليها كلها “محاربة” الفقر.
لكن ماذا نحارب ومع من نحارب، وكيف نحارب، وأين، ومتى؟!
وهل الحل فعلا هو القيام بالمحاربة أم بوضع خطة محكمة لتقديم حلول مناسبة، وعلاج ملائم، يستأصل الداء، من جذوره.
ينبغي لنا إتقان كيفية التفكير بالعقلية السنغالية في أمور دينها وأمور دنياها لتسلم من الآفات الاجتماعية، والفكرية، والاقتصادية، والوبائية العالمية الغربية، لتنتشل نفسها من جميع العوائق النفسية! والمؤثرات الخارجية.
العقلية السنغالية هي التي تخبرنا أن فلانا صاحب عطايا وخصوصيات وأنه كان يحيي الموتى في عصره وليس نبيا ولا مرسلا من الله، وإذا دققت النظر تجد أن ذلك الرجل قد توفي منذ حين من الدهر، بل توفي قبله أبواه، وبعض أولاده، وإخوته، ولم يحيي ميتا منهم، بل لم يسطع وقاية نفسه من الموت، هذه العقلية هي التي تتظاهر بحب ذكر الله والتعلق به وتضع مكبرات الصوت لذكر الله، رب العالمين الذي يسمع ويرى الجهر وما أخفى.
حان الأوان لتصحيح المسار والصدق مع النفس والتجرد من التبعية العمياء، وسلوك سبيل الرشاد بالإخلاص لله في القول والعمل والاستقامة على الصراط المستقيم.
عباد الله من تأمل ما نشاهده خلال وقت الصيف وبصفة متكررة منذ سنوات يطرح سؤالا في نفسه ألا وهو أين المربون، وأين أولياء الأمور، وأين المسؤولون، نشاهد كل يوم في المسائيات جمع غفير من الشباب والشابات يتجهون نحو شواطئ دكار، وهم من كل حدب ينسلون وإن ذلك لشيء مخيف حقا، وبجنبه ظاهرة المصارعة في كل نهاية أسبوع مع ما فيها من الأضرار التي لا توصف، مع المخاطر الجسيمة، هكذا شبابنا ولا أقول كبر عليهم أربعا، لكنهم في انحدار إن لم يكن هناك من يتداركهم قبل فوات الأوان أوان تداركهم.
هناك العديد من الأسباب المختلفة التي تدفع أبناء الوطن إلى الهجرة والسفر، ومن تلك الأسباب يلي:
• أسباب اجتماعية: حيثُ يرغب الشخص بالسفر مع عائلته أو بمفرده، لعدم توفر الضروريات المعيشية للأفراد في موطنه الأصلي، أو من أجل الحصول على فرص تعليمية أفضل.

  • أسباب سياسية: أي أنّ الأفراد يهاجرون بحثًا عن الأمن والاستقرار نتيجة الصراعات والحروب والعنف في أوطانهم .

• أسباب بيئية: وذلك عندما تكون البيئة التي يعيش فيها الإنسان يحدث فيها الكثير من الكوارث الطبيعية، كالفيضانات والزلازل والبراكين، فتكون الهجرة هي السبيل للهروب من تلك المخاوف.
أسباب اقتصادية: يؤدي انخفاض أجور العمل وفرصها إلى هجرة الأفراد، لتأمين متطلبات العيش الضرورية والاستقرار.
وأسباب أخرى كالجور في الحكم وعدم العدالة الاجتماعية.
وتنقسم الهجرة إلى نوعين أساسيين يمكن أن يلجأ إلى أحدهما الفرد وفقًا للظروف والإمكانيات، وهما:
• هجرة داخلية: وهي انتقال الأفراد من مكان عيشهم إلى مكان آخر ضمن حدود الدولة، بحثًا عن العمل أو الدراسة أو الاستقرار.
• هجرة خارجية: وهي انتقال الأفراد من موطنهم الأصلي للعيش في دولة أخرى، إما عن طريق السفر برًا أو بحرًا أو جوًا، وفقًا للإمكانيات والضرورات التي تقتضيها تلك الهجرة.
تؤثر الهجرة على الفرد والمجتمع ببعض الأمور السلبية التي تنعكس عليه نتيجة قيامه بمغادرة البلاد، ومن تلك السلبيات:
• الشعور بالحنين والشوق إلى الوطن والأهل والأصدقاء.
• تشتت أفراد الأسرة الواحدة، مع انخفاض إمكانية اجتماعهم مرة أخرى.
• نقص اليد العاملة والشباب من الموطن الأصلي.
• الشعور بالكآبة نتيجة الوحدة وتغير العادات والتقاليد.
• عدم إمكانية الحفاظ على الهوية الوطنية والدينية أحيانا نتيجة القوانين السائدة في بعض الدول.
• عدم قدرة الفرد على ممارسة حقوقه لعدم امتلاكه الجنسية.
على الرغم من وجود الكثير من السلبيات التي تعود على الفرد نتيجة الهجرة، إلّا أنّ لهذه الظاهرة العديد من الإيجابيات أيضًا، ومنها:
• الحصول على حياة أفضل معيشيًا واقتصاديًا وعلميًا، بالإضافة إلى تعلّم اللغات المختلفة.
• كثرة النقد الأجنبي في الدول الطاردة نتيجة الحوالات من دول الخارج، والتي تساهم في الدعم الاقتصادي للوطن.
• البقاء لسنين طويلة خارج الوطن يمنح الفرد إمكانية الحصول على جنسية أخرى، تمكّنه من الحصول على كافة حقوقه كمواطن أصلي بدلًا عن المهاجر.
• التعرف على المجتمعات الأخرى ومعرفة عاداتهم وتقاليدهم، وتبادل الثقافات المختلفة.
هناك العديد من الحلول التي يمكن من خلالها الحد من تفاقم ظاهرة الهجرة على اختلاف أنواعها، وهي:
• تأمين فرص العمل المناسبة للشباب والخريجين من حملة الشهادات الدراسية.
• تعزيز مشاعر الانتماء في نفوس الأبناء، وتحفيزهم على عدم التخلّي عن الوطن مهما كانت الأسباب.
• السماح باستثمار المشاريع والشركات التي تزيد من إمكانية وجود فرص عمل مناسبة.
• العمل الجاد من السلطات لخدمة أبناء الوطن وتفضيلهم على الأجانب في فرص العمل..
• الاهتمام بمؤهلات الشباب عن طريق توفير المسكن، ووسائل المواصلات، والتأمين الصّحي.
عباد الله ولقد أباح الإسلام لأبنائه أن يضربوا في الأرض سعيًا وراء لقمة العيش، وبحثًا عن الكسب الشريف، قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك: 15].
فلقد أباح الإسلام الضرب في الأرض سعيًا وراء لقمة العيش، وطلبًا للرزق الحلال، شريطة ألاَّ يعرِّض المرؤ نفسه للتًّلف، قال تعالى: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195].
وقال عزَّ وجلَّ: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ [النساء: 29].
فإذا كانت هجرة المرء من وطنه لطلب الرزق ستؤدى إلى فقد حياته يقينًا أو غلب ذلك على ظنه ظنًا غالبًا فلا يجوز حينئذٍ للمسلم أن يُقدم على ذلك، إذ أنَّ طلب الرزق مباح، والإقدام على ما فيه تلف النَّفس من الكبائر،
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين.
يا من أنجيت إبراهيم من النار، ورددت يوسف لأبيه، وشققت لموسى البحر، وقذفت يونس من بطن الحوت.. اجعل لنا من كل ضيق مخرجًا، ومن كل هم فرجًا، ومن كل بلاء عافية.
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
اللهم صل وسلم على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى