السنغال .. الدولة الأكثر استقرارًا في إفريقيا جنوب الصحراء ..
أ. صفاء عيد
في محيط مضطرب تزدهر السنغال كدولة مستقرة سياسيا وأمنيا شادة الانتباه إليها كبيئة جاذبة للاستثمار، وذاهبة باتجاه ازدهار اقتصادي رسم ملامحها نظام ديمقراطي راسخ الجذور…
فبزيادة بنسبة عالية في عائدات النفط والغاز وصلت الى 37% عام 2019، حققت أرباحا بقيمة 42.5 مليون دولار، وضعت السنغال خطة الانتعاش الاقتصادي على مسارها الصحيح، قبل أن تتأثر سلبا بجائحة كوفيد 19، لينخفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7% خلال العام الفائت.
ومع توقعات بارتفاع الناتج المحلي بقوة بين عامي 2022 و2025، تستمر الحكومة السنغالية بإنجاز مشروعين كبيرين في مجال انتاج الهيدروكربونات، حقل “سانغومار” النفطي و”تورتو احميم” للغاز الطبيعي المسال، بطاقة انتاجية تقدر بـ 10 ملايين طن متري سنويا، سيدخل حيز الاستثمار التجاري عام 2023.
اكتشافات تعود لخمسة أعوام خلت، لفت حوض (MSGBC) البحري المشترك بين السنغال وموريتانيا وغامبيا، إضافة الى غينيا بيساو وغينيا كوناكري، لفت بإمكاناته الهائلة أنظار المستثمرين العالميين في مجال الطاقة، حيث تقدر احتياطات الغاز الطبيعي المشتركة بين موريتانيا والسنغال بنحو 102 تريليون قدم مكعب، تبلغ حصة السنغال منها 39 تريليون قدم مكعب، ستغطي حاجة السوق المحلية من الغاز الطبيعي، فيما سيكون للفائض المصدر دورا في النمو الاقتصادي للبلاد.
وبرغم الدور الكبير للمنتجات الهيدروكربونية في خطة الحكومة لتحقيق نمو اقتصادي طموح خلال الأعوام العشرة المقبلة، لكنها مع ذلك تعمل على تفادي “لعنة النفط” التي عانت منها بعض دول جنوب الصحراء الكبرى المنتجة للنفط والغاز، حيث أدى الاعتماد الكامل على المنتجات الهيدروكربونية إلى شلل في القطاعات الاقتصادية الأخرى، وبالتالي عانت اقتصادات تلك البلدان بسبب اعتمادها على هذا القطاع وحده.
لذلك، أطلقت الحكومة السنغالية عددا من المشاريع الاستراتيجية واسعة النطاق، استهدفت تطوير البنية التحتية للنقل البري والبحري بما فيها مشروع القطار الإقليمي السريع (TER) الذي سيتم افتتاحه في شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، إضافة إلى أعمال البناء الجارية في ميناء المستقبل في “نديان”، وليس انتهاء بمشروع “السنغال الذكية” .
مستفيدة من الموارد البشرية الغنية ، أطلقت الحكومة خططها للتنمية الاقتصادية المتعددة في مختلف المجالات، ووضعت الجداول الزمنية والمعايير الخاصة لتحقيق أهدافها في التنمية، مستهدفة تحسين نوعية الحياة العامة للمواطنين، من خلال مبادرات يقوم بها القطاع الخاص بدعم حكومي، وتطوير القوانين خاصة تلك المتعلقة بحماية الأسرة، فضلا عن إتاحة الفرصة وتوفير مناخات استثمارية واعدة لإنجاز عدد من المشاريع الاستراتيجية، كنقل الطائرات المروحية إلى منصات النفط العائمة، ومشروع الطاقة الكهروضوئية في “بوخول” والذي يعد الأول من نوعه في غرب أفريقيا.
ولعل الاستقرار السياسي والأمني الذي تنعم به السنغال، والتقليد الديمقراطي الراسخ، والدور الكبير الذي تلعبه في استقرار منطقة الساحل المضطربة غالبا، ومكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، كانت من أهم عوامل جذب الاستثمارات الخارجية والمحلية لإقامة مشاريع التنمية.
هذا الدور سوف يتعزز مع تولي الرئيس السنغالي “صال” رئاسة الاتحاد الأفريقي مع بداية العام المقبل، لتستكمل السنغال سلسلة إنجازاتها الطويلة في الاستخدام الناجح للدبلوماسية، ضمانا للأمن القومي وتعزيزا للمصالح الوطنية، ودعما للنمو الاقتصادي الإقليمي والتنمية المستدامة، في عموم القارة الفتية.