وهل فكرت يوماً بأنك مديون !!؟
حامد سي الفوتي
إن الناس في القيم على مراتب، فالبعض منهم يتصفون بسمات إنسانية رفيعة، يخلصون في كل شيء يقومون به، و لا يأبهون لحدة عقولهم ما يجُر إلى الرذيلة أو الخسة والدناءة. وحريّ بأمثالهم أن يعرفوا المسؤوليات العظمى والواجبات الجسيمة التي تنتظرهم في سفينة الحياة.
وهل فكرت يوماً بأنك مديون !!؟
فالله تبارك وتعالى قد خلق الانسان، وآتاه نعمه ظاهرة وباطنة : من عقل وسمع وبصر… ونحوها، وأمده بكل ما يعينه في خدمة نفسه،
وماذا عليه بالمقابل ؟؟
إذاً؛ فيلزم كل صاحب فطرة سليمة ذا عقل صحيح أن يكون على دراية كاملة أن عليه حقا لله الواحد المنعم، وأن يكون ممتنا لله، يؤدي ما فرضه عليه كما يليق ويلزم، ويتقي ما نهى عنه كي لا يبور ويندم.
وهل فكرت يوماً بأنك مديون !!؟
فقل ما يخفى على أحد حق والديه عليه؛
فهما السبب بعد الله في وجوده، لذا وصى الله بحقهما في أكثر من مرة في كتابه الكريم، وقرنه بحقه تعالى تأكيداً لمقامهما.
والأبوان يقدمان دورا –لا شك– عظيماً جدا في صغيرهما، فيساهمان كثيرا في بناءه وتكوينه.
و يتمنى كل والد لابنه أن يصير ذا شخصية عظيمة يَخْـلفهما ويحسن إليهما ، ويكون لكامل أسرته ولياً معيناً، يسد حاجاتهم بكل ما يستطيع ويقتدر.
وهل فكرت يوماً بأنك مديون !!؟
فالدولة بمثابة أم حاضنة تسعى جاهدة للوقوف على احتياجات مواطنيها لحلها، وقد أخذت عهدا وثيقا بأن تعالج الصعوبات والمشاكل التي يعاني منها المواطنون. وأن لا تضيع أيضا جانبا من جوانب حياتهم،
وخاصة تلك التي تكون سبباً لرقيّهم صحيا وفكريا فيصبحوا مستقبلا مجتمعاً متحضراً واعياً.
ففي القطاع التربوي تجدها تساهم في تربية النشء فتبني بذلك مؤسسات تربوية متباينة المستويات، من روضات أطفال ومدارس ابتدائية وإعدادية وثانوية وجامعات، وتمدها بجميع المتطلبات اللازمة لإدارة طاقمها، يلتحق بها من أراد، ثم يتلقى فيها التربية الصحيحة.
وفي القطاع الصحي تجدها أيضا بدورها تقدم مساهمة كبيرة للمواطنين؛ فأبسط ما تقدمه المستشفيات والمراكز الطبية في هذا المجال السجل الصحي لكل حامل؛ فتتبع هي بدورها السلك والنظم المنصوصة بها، لرعاية الجنين. وعند الولادة تواصل بهذا السجل كامل المهلة المؤقتة لإنهاءه.
وهذا كله حق لهذا المواطن الذي لم يبد حتى يكبر بعد.
إذاً؛ فاليد التي تقدمه الدولة تجاه مواطنيها متعددة النواحي، بغض النظر عن حالاتهم الاجتماعية .
ويتحتم إذاً على كلٍّ حفظ الممتلكات العامة والمشتركة، والعمل بجد، وأن يحتسب نفسه حديدة في سلم الرقي والازدهار، يدفع عجلة التقدم للوطن في القطاع الذي يعمل فيه.
وهل فكرت يوما بأنك مديون !!؟
ما من أحد إلا ودين على عاتقه.
فهناك آخرون لا يُشعرون أنفسهم بأية مسؤولية ولا يلفتون أنظارهم سوى إلى سفاسف الأشياء وسيئها.
والكيس من عقل وكبح نفسه عن هواها ودان نفسه وعمل لما بعد الموت وأخلص في هذا النهج أعماله.
وقضاء هذا الدين يكمن في المضي قدماً نحو أداء الحق الذي عليه لربه، والإحسان إلى والديه ، والكفاح جاهداً لشرف وطنه.
فكل هذا دين على عاتقك.