
ولكنْ يُقْلِقُنِي هَذا الشّبابُ .. !
باني مديمبا غِي
القارةُ الإفريقية تتمتّع بثروةٍ بشريّة شابّة، جعلتْ بعضَ المفكّرين يُقرّرون أن سِيادةَ إفريقيا أمرٌ منتظرٌ في المستقبل القريب أو البعيد، واسمعْ قولَ هذا المفكّر: (( إنّ السُّود سيسودون في العالم ))، واقرأْ كلامَه أيضا: ((…إنّ الجنس الأصفر قد سادَ العالمَ عندما زحَف من آسيا على بقية القارات… ثم جاء دورُ الجنس الأبيض عندما قام بحركة استعمار واسعةٍ شملتْ كلَّ قارات العالم… والآن جاء دورُ الجنس الأسود ليسود كذلك)).
وممّا يبعثُ الأملَ في النفوس، ويُدخِل البهجةَ في القلوب أنّ الشباب الإفريقي يدعو في هذه الآونة إلى الاتحاد والعمل الجاد والاعتماد على النفس، ويحارب التفرّقَ والخمول والاتّكال على المستعمر الذي يجب طردُه من إفريقيا، وإعلامُه بأنه قد آن الأوانُ ليقوم الرجل الأفريقي بترتيب أموره، وتدبير شؤونه دون أن يعتمد على هذا أو ذاك.
وممّا يبعث الأمل في النفوس، ويدخل البهجة في القلوب أن كثيرا من الدول الإفريقية بدأت - من أجل إعداد الشباب وتأهليهم تأهيلا ملائما لمتطلبات العصر- تبذلُ جهدا ملحوظا في تطوير المناهج وبرامج التكوين، وفي دمج اللغات المحلية وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وفي إنشاء معاهدَ عُليا يتخرّج فيها أصحابُ مهن لا أصحابُ أقلام، وفي الاستثمار في البنية التحتية الرقمية.
كلُّ هذا يُبشّر بالخير، ويبعث الأمل في النفوس، ويُؤكّد الثقة بالنفس، ولكنْ يُقلِقُني هذا الشبابُ؛ لأنه إذا فرِحَ طرِب، وإذا غضِب خرّب: فشَبابُنا - مع الأسف الشديد - إذا غضب بعد الخسارة في مباراةٍ لكرة القدم، أو بعد رفض طلبٍ مُقدَّم، أواتّخاذِ قرارٍ حكوميٍّ معيّنٍ، أوعندَ المُطالبة بتغيير سياسةٍ من سياسات الدولة، أو بِعَزلِ مَنْ يرأسُها بطريقةٍ قانونية أوغير قانونية - نجدُهم في هذه الأحوال كلِّها يعمِدون إلى تخريب ممتلكات الدولة، وممتلكات المواطنين الأبرياء الذين لا يدَ لهم مِن قريبٍ ولا بعيدٍ فيما أغضبَهم. والتّخريبُ - كما هو معروف - عملٌ إجراميّ غير مشروع، يضرّ بالعامة والخاصة، ويدفع عجلة التقدم إلى الوراء، وما جرى في السنغال في السنوات الأخيرة، وما شهدناه شهرَ سبتمبر المنصرمِ في ملعب الشهداء بجمهورية الكونغو الديمقراطية، بعد خسارة فريقها الوطني أمام فريق أُسُودِ التِّيرَانْغَا خيرُ دليلٍ على ما نقول.
أخي الشابّ،اعلمْ أن العاقل لا يَمحُو الفساد بالفساد، واعلمْ أن الشجاعة ليستْ في العنف والتّخريب، وإنما هي في التّأنّي والتدبّر عند اشتداد الأمور، كما قال قدوتُنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم: ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب.
المركز الإقليمي للتكوين بلوغا/ السنغال
CRFPE/Louga




Hacklink Giriş buyhacklink.com ucuz backlink buyhacklink.com https://www.besiktassukacagi.ipektesisat.com/