وترجّل الفارس الأديب الأستاذ دام سيك
عبد الرحمن باه
إنها رحلة الموت التي تأتينا لأوانها”فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ” تجدّد الأحزان، وتبعث الشجون، وحقّ لها أن تكون كذلك، فما أحرّ الفقد، وأفظع الفراق الذي لا يعقبه لقاء في عالم الدنيا، لكنها سنة الله “ولن تجد لسنة الله تبديلا”.
في سياق الرحيل يأتي نبأ وفاة أحد الأدباء الأعلام، والمشايخ الكرام، الأستاذ دام سك – رحمه الله تعالى – شيخ الأدب والبلاغة الذي لا يخفى نوره في مدينة (لوغا) ولا سيما في المعهد الإسلامي العريق، حيث تربى عليه أجيال من طلبة العلم، فنهلوا من معينه الصافي، واغترفوا من بحر أخلاقه الزاخر والذي لا تكدره الدلاء، يبسّط لك مسائل الأدب والبلاغة، وتتجسد في ناظريك رفعة خلاله ودماثة أخلاقه، فهو الشيخ الرزين، والمعلم الهادئ الهادي، يغرف من بحر أو ينحت من صخر، وهو على كل حال في العلم ذو كعب عال. شاخ جسده النهيل، ومات شابّ الهمة ..
تتراكم لدي الذكريات والتي لا يمكن أن أنسى منها اللقاء الأول في قاعة الدرس ، حيث كان يدرسنا تعريف الأدب، وكان صوته الفصيح الحلو يرن بالقول: ” الأدب فن من الفنون الجميلة التي تصوّر الحياة وأحداثها، من أفراح وأتراح…” رنين صوت لا يتوقف على السكون، بل يعرب إعرابا ويشكل الأواخر حيث لا لحن ولا خطأ. أما آخر الذكريات فكان قبل أسبوعين، في زيارة إلى بيته،مع ثلة من زملاء الدراسة، وقد كان منهكا بالمرض، لكنه صافح أبناءه الطلاب ودعا لهم. ولكن القدر أن يكون ذلك يوم وداعه لبعضهم، و” كان أمر الله قدرا مقدورا”
فاللهم السميع المجيب الدعاء، ارحم عبدك دام سك، وأدخله فسيح جناتك في جوار الصالحين من عبادك..