Articles

والصلح خير.. هي معركة لا غالب فيها ولا مغلوب !

أ.فاضل غي

ً ترددتُ كثيرا قبل الإدلاء بدلوي في الدلاء”
وأتقدم بمداخلة في هذا الجدل العقيم والمناوشات الفئوية السلفية الصوفية التي نتج عنها تقديم دعوى قضائية هذه الأيام من قبل “تجمع تيجاني ” ضد الداعية الأستاذ عمر. سال الذي اعتقل جراء الدعوى ، ووضع في السجن أكثر من أسبوعين ،
الآن وقد صدر الحكم ( ستة أشهر سجن مع وقف التنفيذ )فيمكن أن أطالب أولئك وهؤلاء بمراجعة المواقف وتهذيب الخطاب الدعوي ، لأن قلوبنا حقيقة تمزقت وامتلأ الأسى جنبات نفوسنا ونحن نتابع هذا الجدل والقدح والجرح بين إخوة الإيمان من المواطنين ، فالواجب يفرض على الطرفين ضبط النفس ، والعمل على الأسلوب الرباني في الدعوة إلى الله “وجادلهم بالتي أحسن “.
نعم لا شك في بعض الممارسات الخاطئة والشطحات عند بعض أتباع المؤسسة الطرقية،كما أن الدعاة السلفيين أيضا يخطئ جلهم في الأسلوب الدعوي الذي ينبغي أن ينبني على المناصحة واللطف واللين كما كان يفعل نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فكل مفروض مرفوض كما قال المثل العربي
والحق الذي يثبته تاريخ بلادنا أن الاختلاف في فهم النصوص الشرعية كان يحدث كثيرا بين أجدادنا من المشايخ والعلماء ،لكن حدود هذا الاختلاف في المفاهيم لم تكن تجاوز المجالس والمدارس ، وكانت هناك مراسلات ومساجلات بين هذا العالم وذاك ، دون أن يفسد ودا أو يعكر صفوا ، إنما كانوا يناقشون ويجادلون حول هذه المسائل العلمية والفقهية دون كراهية أوأحقاد ، أما ما نرى الآن في المشهد الإسلامي بالسنغال فمؤشر خطير يتطلب الانتباه ، فالمجادلون في الصف السلفي وإخوانهم في الصف الصوفي أصبحوا وكأنهم أعداء في غمار معركة حامية الوطيس
فانتقل الاختلاف الذي كان بين العلماء والفقهاء المدركين داخل البيوت والمجالس الفقهية في الماضي إلى الشارع العام ،ليتناوله المواطن السوقي بلهجته المحلية لينتشر في شبكات التداول الاجتماعية ، ومن هنا ينبغي غربلة شبكة الدعوة،وإعادة التفكير في الخطاب الديني، مع الاعتراف بأننا جميعا مسلمون ، وليس لأحد الحق في اخراج أخيه من الملة ،مادام يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، قد تختلف المدارس وتتفاوت المستويات وتتعدد المذاهب ، لكن ذلك طبيعة هذا الدين الإسلامي الحنيف عبر تاريخه الطويل ، ولا يعقل أن يكون الدعاة اليوم أكثر من سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه حرصا على هداية البشر ،وكلنا نعرف الأمر الإلهي الموجه لسيد الخلق ” أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ، ، وإذا كان هذا الأسلوب القرآني الواجب اتباعه مع الكفار ، فلماذا تكون الدعوة بالتي هي أخشن مع إخوة مسلمين ؟
وعلى مناصري الطرق الصوفية في هذا الجدل البيزنطي أيضا أن يكفوا عن التهم التي يطلقونها جزافا على من يرون أنفسهم في اتباع الكتاب والسنة ، وينتهجوا نهج مشايخهم في التغاضي والعفو والمسامحة لأن أجدادنا المشايخ أدركوا بوعيهم وأريحيتهم أن المعركة بين مسلم ومسلم لا غالب فيها ولا مغلوب ، فلكل الحق ، كل الحق في اختيار ما يراه صوابًا ، فالحاكم في النهاية هو الله عزوجل ، فليسامح بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ونعمل معا على مااتفقنا عليه وهو بحمد الله الأكثر ، وليس من الذكاء إعطاء أعداء الإسلام فرصة لتفريق صفوفنا وإثارة نار الفتنة الطائفية بين أبناء دين واحد ووطن واحد .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى