actualite

هل المُجَمَّع نهايَة أُمْنياتِ الشيخ الخديم أم بدَايتُها؟

شعيب بن حامد لوح

بادئَ ذي بدء نُقدم تبريكاتِنا وتهانينا للخليفة الشيخ محمد المنتقى على هذا الإنجاز العظيم، الذي ظل حلما كبيرا لمحبي العلم وراعيه في مدينة طوبى، والمُجمَّع قبل كل شيء تنفيذ لإحدى وصايا المجدد العبد الخديم كما في رسالة الشيخ امباكي بوسو -رضي الله عنهما-.
وإذ يُنجز الخليفة هذا الصرح العلمي الضخم هل لنا القول أو الاعتقاد بأن أمنيات الشيخ أحمد بامبا -رضي الله عنه- تحقَّقت وانتهت؟ أم يكون المُجمع منطلقا جديدا لتطلعات أخرى كان شيخنا يوليها العناية؟ وبالاعتماد فقط على رسالة الشيخ امباكي بوسو يمكن القول بانتهائها، ويبدو أن هذا المَنحى هو الاتجاه الذي أيَّده أقلام جُل الكاتبين والمُهنّئِين للخليفة يوم تدشين المُجمع.
غير أن نظرة معمَّقة تجرنا إلى القول وبصوت عالٍ: إن أمنيات الشيخ الخديم تبدأ بدءً من الآن، عبر هذا المجمع الذي يُبشر بالخير، ويُتوقع منه الكثير الكثير مما يعود بالنفع للعباد والبلاد.
تبدأ الأمنيات إذا وقفنا على مركزيَّة العلم في تطور البُلدان والدول، وتقديمه حلولا للمُعضلات التي تعد حَجر عثرة عن التقدم؛ إضافة إلى كون المعرفة أولوية عند مؤسس مدينة طوبى وهو الشيخ أحمد بامبا -رضي الله عنه-، وحثه أتباعه على تقديم العلم على العمل في كل شيء، وألَّف في ذلك ما ألف من علوم ومعارف لا غِنى لأحد عنها.
تبدأ الأمنيات؛ لأن مشاكل العصر في تجدد واستمرار إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهي مشاكل معقدة تقتضي وجود صرح علمي يستقبل هذه المشاكل بحفاوة، ويجيب عليها بلغة العصر، يستقي كل ذلك من نصوص الشرع الشامل والمتضمن حلولا شافيا وكافيا.
من تدشين المجمع تنطلق الأمنيات نظرا لأن شيخنا أحمد بامبا -رضي الله عنه- كان يهتم بأمر المسلمين ويتفقَّدهم، ويدعو لهم، ويأخذهم إخوانه الذين عليهم يعتمد، وبهم يستند، ولا يشك اثنان في أن المسلمين اليوم تمتدُّ إليهم أيدي الظلمة، بمرأى ومسمع الجميع، وذلك يقتضي الوقوف والتعاضد والتكاتف.
تبدأ الأمنيات لأن مَقر المُجمع وهو طوبى يُعلق بها أمالا كبيرة في خدمة الإسلام، والدفاع عنه، كما أنها من المدن التي يُباهي بها الإسلام في تطبيقها الصارم لأحكامه، وسعيها الدؤوب لمنع كل مخالفة إسلامية ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
تبدأ الأمنيات لأن طوبى يقدم نموذجا رائعا في القيادة الرشيدة ووِحدة الكلمة، وهذا يفتقده العالم الإسلامي الذي تشَتَّتت كلمتهم، وتفرق جهدهم، وذهبت ريحهم، يتسلَّل فيهم أعداؤهم منتهزين هذه الفرصة لإضعافهم، حين يتعامل معهم طبق قاعدة (الأسدُ والثِّيران الثلاثة).
وكل هذه الأمور وغيرها غير خافية -إن شاء الله- على السَّاهرين على شأن المُجمع، وقد أشار الخليفة يوم وضع الحجر الأول أنه يريد للمجمع أن تكون له سمعة شأن الجامعات الكبيرة في العالم الإسلامي مثل الزيتونة والأزهر، ولو كان ذلك بعد قرنين أو ثلاثة، وهذا الموقف يُنبئ عن مدى عُمق نظر الخليفة، وتقديمه للمصالح المشتركة، واعتباره للأجيال القادمة الذين سيستفيدون أكثر من هذا المجمع إن شاء الله.
والمُجمع برؤية الخليفة إذا فَتح لآفاق أخرى، وبداية مسار جديد نحو الرُّقي والتَّقدم؛ بمحو الجهل والأمية والخُرافة، ومصنعٌ يُصَدِّر أدوية ناجعة لما يعاني منه الإسلام من تشويه إما من أعدائه، أو حتى من أتباعه بسببِ غياب الفهم الصحيح للإسلام.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى