نعم للاختلاف لا للتناحر !!!
كتب: د.عبد اللطيف طلحة
بعد رحلته المليئة بالتضحية والصبر والجهاد والشرف وإرساء القيم الانسانية المفتقدة الأن ، والتفضيل على سائر الخلق حُق لسيد السادات – صلى الله عليه وسلم أن يقول ” أنا سيد ولد آدم ولا فخر، وأنا أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر، ولواء الحمد بيدي يوم القيامة ولا فخر” اليوم سأحدثكم اليوم عن قيمة أرساها النبي المعصوم مع صحابته وظلت باقية بعده ، وكم نحن في أمسِ الحاجة إليها ، الاختلاف للوصول للأفضل وتمثلت معالم ذلك في الآتي :
أولاً ـ اختلفوا في توزيع الغنائم يوم بدر حتى نزل قول الله تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)
ثانيا : اختلفوا في مصير الأسرى يوم بدر حتى نزل قوله تعالى (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) فلم يغضب أو يتعصب أحدا لرأيه .
ثالثاً :في غزوة أحد اختلف المسلمون هل يخرجوا للقاء العدو المهاجم أم ينتظرونه في المدينة وخرج الرسول نزولا على رأي المخالفين وهم الأغلبية .
رابعاً : في صلح الحديبية اختلف الصحابة مع بعضهم وبينهم الرسول صلى الله عليه وسلم ، منهم من يريد الدخول عنوة ، ومنهم من يريد الالتزام مع اتفاق النبي الذي أبرمه مع الكفار بالرجوع هذا العام من غير حج .
خامسا :في غزوة بني قريظة قال الرسول صلى الله عليه وسلم لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة فأدرك بعضهم العصر في الطريق ، فقال بعضهم لا نصلي حتى نأتيها وقال بعضهم بل نصلي ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف واحداً منهم .
خامساً :واختلف الصحابة مع أبو بكر الصديق في جمع القرآن الكريم بعد أن استشهد كثير من القراء في معركة اليمامة ، ثم شرح الله صدورهم ووافقوا على رأي الصديق رضى الله عنه بدون تزمت أو ضجر .
سادسً :اختلف الصحابة في قتال مانعي الزكاة فكان رأي عمر بن الخطاب عدم محاربتهم ورأي الصديق أبو بكر محاربتهم وقال لعمر قولته الشهيرة (أجبار في الجاهلية خوار في الإسلام يا عمر والله لو منعوني عقال بعير كان يؤدونها لرسول الله لقاتلتهم عليها ) واستجاب عمر لرأي الصديق .
سابعاً : اختلف الصحابة في عهد عمر بن الخطاب في شأن الأراضي المفتوحة بالعراق والشام هل غنائمها تكون للفاتحين فقط أم للأجيال المتعاقبة .
ويشهد الله تعالى أن التاريخ والكتب التي قرأناها ووصلت إلى أيدينا وأسماعنا لم تنقل لا من قريب ولا من بعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم غضب يوما من الأيام من رأي صحابي سواء كان رأيه موافقا لراي النبي أو مخالفا له ، كما لم يثبت أن صحابي جليل تعصب لرأيه أو اقتتل من أجله أو غضب لعدم الأخذ برأيه ، وذلك لسبب بسيط أنهم تربوا في كنف ومدرسة سيد ولد أدم صلى الله عليه وسلم التي بنيت على الحب والتسامح وإيثار الغير على النفس ،هذه المدرسة نحن نفتقدها كليا هذه الأيام ،لم تكن المدرسة مبنية على أقوال بل أفعال ثم أفعال ، فهذا يبيت ليله بين شوارع المدينة بحثا عن جائع ، وهذا يبيت حارسا على مال المسلمين وهذا يقتسم منزله وماله مع أخيه المسلم ، وأخر يتبرع بكل ماله ، نحن إذا اختلفنا مع بعض جّيَشَ كل واحد منا أسلحته للفتك بالأخر دون أن ندرك عواقب هذا الاختلاف ، فلنتق الله..