actualite

نبوءة خبير اقتصادي كبير بنهضة وازدهار للسودان لم تتحقق !!

منير حسن منير

الرئيس السنغالي السابق عبد الله واد :
تنبأتُ بأن السودان هو الأكثر قدرة على قيادة قاطرة القارة الأفريقية مع جنوب أفريقيا !!


المكان قصر الضيافة الملكية في العاصمة السعودية الرياض، حيث ينزل الرئيس السنغالي عامئذ (٢٠٠٩)مشاركاً في ندوة جده الاقتصادية، ومنها إلى الرياض لافتتاح سفارة بلاده في الحي الدبلوماسي، يرافقه عدد من كبار مسؤولي حكومته، وزراء الخارجية ووزير رئاسة الجمهورية إبنه الوحيد (كريم واد)، وبصحبتهم صديقي العزيز وأخي (فاضل غي) المستشار الإعلامي للسيد كريم واد في الشؤون العربية في ذلك الوقت ، ومراسلنا الأسبق في دكار الذي رتب لي مشكوراً هذه المقابلة لتنشر على صفحات جريدة الشرق الأوسط اللندنية.
بعد انتهاء الحوار الصحفي والجميع جلوس يستمعون إلى إجابات الرئيس واد، وأخذ الصور التذكارية مع فخامته، وحول فناجين الشاي والقهوة وبعض أنواع الفاكهة، سألني الرئيس : من أي بلد أفريقي أنت ؟!
وحين أجبته : من السودان … أطلق الرجل صافرةً طوييييلة بفمه، وصاح كمن وجد كنزاً : اووووو سوداااان !!
وفاجأ الجميع، بالقول : لقد كتبت دراسة عن السودان بطلب من البنك الدولي، عام ١٩٦٨، خلصت فيه بأن هذا البلد هو المؤهل والأقدر على منافسة دولة جنوب أفريقيا في قيادة وجَرِّ قاطرة الاقتصاد الأفريقي والنهوض بالقارة (!!!)
قلت له مقاطعاً وانا في حالة ما بين الدهشة والذهول من المفاجأة، وبين الفخر بما سمعت للتو !! مهلاً سيدي الرئيس : انا اعرف انك رجل قانون ومحامٍ ضليع في المهنة، وانك دافعت عن قادة الثورة الجزائرية ومنهم احمد بن بيلا وهواري بومدين والمهدي بن بركه وبوتفليقه وغيرهم إبان محاكمتهم أمام المحاكم الفرنسية !!


أجاب : صحيح، ولكني عملت بعدها في المجال الاقتصادي لكوني احمل درجتي دكتوراه في القانون والاقتصاد، ومن هنا جاءت دراستي حول بلدك السودان.
استأذنته في تسجيل إجاباته هذه، فأذن لي، وادرت شريط مسجل الكاسيت، فسألته : وما الذي حدث حيث لم تتحقق نتيجة دراستك تلك ولازال السودان في مكانه مذاك التاريخ (١٩٦٨) ونحن في (٢٠٠٩) الآن ؟!
أجاب بثقة وكلي آذان صاغية لما سيقوله هذا الخبير الاقتصادي الجهبز … قال : هناك ثلاث مشكلات عطلت تقدم بلدكم رغم ثرائه وإمكانياته الهائلة والقوة البشرية والخبرات التي يمتلكها السودان، وهي :
1/ عدم التخطط الاستراتيجي طويل المدى، لخمسين أو ستين عاماً، غالباَ ما تكون خطط حكوماتكم المتعاقبة قصيرة النظر والمدى.
2/ الحروب الأهلية، منذ الاستقلال وحتى الآن، وما أن تخرجون من حرب، سرعان ما تدخلون في غيرها، وهي ما تبدد ثروات البلاد وتكبل حركة التنمية والانطلاق الازدهار والنهوض.
3/ الفساد الإداري والمالي … وهذه سبب نكبة الكثير من دول العالم وفي افريقيا على وجه التحديد.
بعد انتهاء الحوار بهذه (الخبطة الصحفية) غير المتوقعة، ارسلت نص الحوار عن طريق الفاكس لمشرف الصفحة السياسة بمقر الجريدة في لندن الراحل العزيز استاذنا حسن سآتي _ رحمه الله تعالى _ وطلبت منه أن يفسح في الصفحة الأولى للصحيفة مع ملخص حوار الرئيس السنغالي، مساحة ومكاناً لحديثه عن السودان، وتنبُئه بان بلدنا مرشحاً لقيادة (قاطرة الاقتصادي الأفريقي) !
امهلني الصديق والزميل حسن سآتي نصف ساعة فقط، لكي ارسل إليه كلام الرجل عن السودان، واعدا بأن يضعه على الصفحة الأولى، رغم أن الصفحة جاهزة لإقفالها وإرسالها لرئيس التحرير للتوقيع، وقد كان … فقد نشر كلامه عن السودان ضمن ملخص الحوار مع فخامته، لعل احداَ من مسئولي بلادي يقرأه بتمعن ودراية فنعمل معاَ لتحقيق نبوءة اقتصادي كبير قبل أربعين عاماَ ظللنا ندور خلالها في دائرة جهنمية بين ثورة شعبية عارمة ومذهلة تقدم فيها أرواح وتبذل فيها دماء قانية وزكية، وبين إنقلاب عسكري يهدم ما تم بناؤه ويرجعنا إلى المربع الأول، ولانزال نتخبط بين طموحات سماسرة السياسة، ونخب فشلت في إخراج وطننا من جُب التخلف والفقر !!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى