مقال: المؤسسات القرآنية نحو التنظيم والتطوير ..
جبريل إبراهيم فال

لقد مرت المدرسة القرآنية خلال أيامها الحافلة بالإنجازات، بتاريخ مليء بمشكلات وصعوبات بسبب الفقر والحرمان، والحرب والمكيدة من طرف المناوئين للمشروع الإسلامي. ومن جانب آخر فقد كانت بعض المدارس مليئة بالقسوة والعنف ، وقتل المواهب وتضييع مستقبل أولاد كثيرين بسبب الأساليب البدائية التي استخدمها المعلمون، ولا زالت فكرة العنف راسخة في أذهان الكثير من المقرئين والمحفظين لحد اليوم ..
عندما يذكر لك شهود عيان ما كان يعاني منها الأطفال في بعض مدارس التحفيظ تسيل دموعك رحمة وشفقة على هؤلاء المساكين الذين ما ضرهم إلا سوء تنظيم في هذه المدارس ، حيث لايملك المربي شيئا من تدريب يؤهله لممارسة هذه المهمة بجدارة..ويبدو أنه من المتفق عليه أن التربية هي أصعب مهنة يزاولها ابن آدم على وجه الأرض لتعلقه بالإنسان، فالمعلم يتعامل مع إنسان تتقاسمه الروح والعقل والوجدان ، فمعرفة نفسية الإنسان ضرورية لممارسة مهمة التربية، لهذا كان علم النفس التربوي ولا يزال علما من العلوم الضرورية في أي تعليم، ولو كانت الأمور تمشي بانتظام لا يوجد مرب يباشر مهمة التربية إلا وتسلح بما يكفي من علوم التربية ، ثم يعمل على تكليف ذي خبرة في المهنة قبل أن يستقل تماما لرعاية حلقات تحفيظ ، أو يشرف على تربية أطفال، مع مواصلة التكوين بشكل مستمر.
والحقيقة التي لا مرية فيها أن المدرسة القرآنية شهدت في سنواتها الأخيرة تحسنا ملموسا في ظروفها المعيشية وأساليبها التعليمية وتنظيماتها الإدارية ، بفعل التحديث والعصرنة ، إلا أنها مازالت في حاجة ماسة إلى التطوير، والجانب الاكثر أهمية في هذا التطوير هو جانب الأساليب، ومن هنا يجب على الجمعيات القرآنية أن تدمج من سياساتها التنظيمية إقامة مراكز تكوين يتطوع فيها ذوو الخبرات التربوية لتدريب المعلمين قبل توظيفهم في الكتاتيب، أو أن تجد كل المؤسسات القرآنية الكبيرة قسما لتدريب أي مدرس تم اختياره قبل أن يباشر الحلقة، أو يكون من برامجها تنظيم دروس تكوينية أسبوعيا أو أسبوعين في كل شهر، مما نرجو أن يساهم بإذن الله في تطوير الأساليب التعليمية في المدارس.. هذا وإن هناك جانبا لا يستهان به في هذا التطوير وهو ظروف المعلمين ومستقبلهم المهني، وأعتقد أن أصحاب المؤسسات القرآنية يدركون أن من أعظم مشكلات المدارس سوء أوضاع المعلمين وضآلة أجورهم الشهرية ، بسبب شح الموارد الاقتصادية أو بشح جيوب القائمين على بعض المدارس أحيانا، وهذه المشكلة مما يستوجب التفكير والسعي الجاد إلى حلها، فالأجور الواردة في صندوق المدرسة لا تقدر في كثير من الأحيان على تغطية الحاجات المعيشية لأهلها، لذا تجد بعض الإدارات المدرسية تثقل كاهلها بالديون..
ولحل هذه المشكلة يحب إيجاد مصادر للمال تساعد في تحسين الأوضاع المعيشية للمدارس القرآنية …