مقال: الجرائم الفرنسية في القارة الإفريقية (2 )
د. عبد اللطيف طلحة
تجيد فرنسا عبر التاريخ الحديث لعب دور الدولة التي تقدم الدروس للعالم حول الحريات واحترام حقوق الإنسان رغم أن مجازرها ضد المدنيين يندى له الجبين، مجازر القوات الفرنسية في رواندا والتي خلفت أكثر من 800 ألف قتيل، ومجازرها في الجزائر خلفت أكثر من مليون شهيد ، وما زالت حاضرة بقوة بالتزامن مع مواصلتها نهب خيرات الكثير من الدول الإفريقية وتجويع شعوبها.
في هذ الصدد ارتكبت فرنسا الكثير من الانتهاكات الحقوقية عبر تاريخها الاحتلالي إبان إنشاء المستعمرات في كافة أرجاء العالم، وخصوصا القارة الإفريقية التي عاشت مشاهد العبودية والمجازر والتمييز العنصري.
وبدأت تلك الدولة سياستها الاستعمارية عام 1524، حيث فرضت سيطرتها على أكثر من عشرين دولة أفريقية، واستمرت في حكم 35% من مساحة القارة لمدة ثلاثمئة عام.
واستخدمت فرنسا دولا مثل السنغال وساحل العاج وبنين لسنوات طويلة مركزاً لتجارة العبيد، كما نهبت كافة موارد المنطقة.
ورغم وعودها بمنح الاستقلال في حال قبول تلك الدول القتال إلى جانبها بالحروب العالمية، فإنها قابلت الثورات التحررية بالعنف المفرط والقتال، راح ضحيتها أكثر من مليوني أفريقي.
ويقول وزير التعليم الوطني السنغالي السابق المؤرخ إيبا دير ثيام إن بلاده كانت عرضة لانتهاكات حقوق الإنسان على يد فرنسا وباقي الدول الأوروبية إبان مرحلة الاستعمار ، ونستكمل الانتهاكات الفرنسية في القارة الإفريقية والتي بدأناها بالحلقة الماضية :
أولا : سيلفانوس أوليمبيو اول رئيس لتوجو عندما بدء طباعة العملة الجديدة بغية تحقيق الاستقلال الكامل فى يناير عام 1963، ، قامت فرقة من الجنود الأُميين مدعومةً من فرنسا بقتل أول رئيس منتخب فى إفريقيا المستقلة، قُتِل أوليمبيو على يد (إيتيان جياسنيبي)، نقيب سابق فى الفيلق الفرنسى الأجنبي، مقابل 612 دولارا تلقاها من السفارة الفرنسية مقابل عملية اغتيال أوليمبيو.
ثانيا :فى يونيو 1962م، قرر (موديبيا كيتا )، وهو أول رئيس منتخب فى جمهورية مالي التخلص من عملة الاستعمار الفرنسي (الفرنك الإفريقي)، والتي كانت مفروضة على 12 دولة إفريقية حديثة الاستقلال ،لكنه لاقى نفس مصير أوليمبيو، حيث كان ضحية انقلاب قاده “موسى تراوي”، أحد ملازمي الفيلق الفرنسي الأجنبي.
ثالثا : في الأول من يناير من عام 1966، قادَ (جين بيديل بوكاسا)، وهو ملازم سابق للفيلق الفرنسي الأجنبي، انقلابًا ضد ديفيد داكو أول رئيس منتخب لجمهورية إفريقيا الوسطى خشية طلب الدول الإفريقية الاخري حق الاستقلال ووأد حركات التحرر.
رابعا : فى الثالث من يناير من عام 1966، كان موريس ياميوغو، أول رئيس منتخب فى جمهورية فولتا العليا التي تسمى الآن بوركينا فاسو، ضحية انقلاب قاده “عبد القادر سنغولى لاميزانا”، وهو أيضًا ملازم سابق فى الفيلق الفرنسي الأجنبي، إذ قاتل هذا الملازم مع القوات الفرنسية فى إندونيسيا والجزائر ضد استقلال تلك البلدان.
خامسا : فى 26 أكتوبر 1972، قادَ ماثيو كيريكو ، وكان حارسًا للرئيس هيوبيرت ماغا، أول رئيس منتخب فى جمهورية بنين انقلابًا على الرئيس بعد دِراسته فى المدرسة العسكرية الفرنسية بين عامى 1968 و1970.
خامسا : طوال فترة الاستعمار للجزائر وحتى عام 1962 اقترف الجيش الفرنسي والميليشيات المتعاونة معه عشرات المذابح بحق الشعب الجزائري خلفت مئات آلاف القتلى وتنوعت بين الإعدامات الجماعية والمجازر والقتل العشوائي للمدنيين والثوار المطالبين بالحرية والاستقلال وصولاً لبيع الأعضاء البشرية وغيرها من الفظائع.
التاريخ الإسلامي بحلوه ومره لم يحمل هذه الفظاعات ، والإسلام برئ من كل قطرة دماء واحدة بدون حق ، ولا وجه للمقارنة بين تاريخينا الإسلامي المشرف وتاريخ هؤلاء المستكبرين في الأرض والذين يعيشون متطفلين على دماء الأبرياء في إفريقيا وغيرهم ، أكاد أجزم وبالأدلة القطعية أن الشعوب الإفريقية تستحق أن تعيش معيشة كريمة فيها كبرياء واعتزاز بالنفس ، فلا يجب على حكامها أن يكونوا مطية للاستعمار ، الشعوب الإفريقية شعوب مسالمة ، لا يجوز أن تكون الحديقة الخلفية للقوى الكبرى فيتمتعون بخيارتهم ويرمون لقارتنا الفُتات ثم يعاملون الأفارقة بالفوقية ، عاشت إفريقيا عظيمة بأبنائها.