
محمد صلوات الله وسلامه عليه قدوة الأمة..
من خطب دكتور خديم محمد سعيد امباكي
الخطبة الأولى
إن مما أجمع عليه المسلمون أن نبيهم (ص) أفضل الخلق قاطبة وقدوتهم جميعا. ومن هنا يجب معرفته ودراسة رسالته حتى يتيسر الاقتداء به في جميع جوانب الحياة الفردية والاجتماعية.
ولا بد من العودة إلى القران الكريم لمعرفة الصفات التي فضل الله بها محمدا واختاره لحمل رسالة الإسلام إلى البشرية. فقد مدحه الله في مواضع من القران بحسن الخلق وقال: "وإنك لعلى خلق عظيم"(القران، 68: 4) وصرح في موضع آخر بأن مزاياه الخلقية سر نجاحه فقال:" ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر. فإذا عزمت فتوكل على الله" (القران، 3: 159) وفي الآية إشارة واضحة إلى أن من أوصاف القائد الناجح: العفو في محله، حب الجميع، التواضع، والحلم، والشعور بالمسئولية، والعزم. وذلك ما يؤكده الله في آية أخرى حين يقول: "لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم" (القران، 9: 129)
ونجد في آية أخرى أوصافا جامعة تشمل الجوانب الأخلاقية والعملية والروحية. فهو يتعامل مع المسلمين بطريقة تضمن تماسك الجبهة الداخلية ويعامل غير المسلمين معاملة تردعهم عن الاعتداء على المسلمين ويحرص على تحقيق التوازن بين المتطلبات الروحية والمادية للحياة. وفي ذلك يقول الله تعالى:" محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا" (القران، 48: 29)
ومن أهم أوصاف الرسول (ص) التي أشار إليها القران والسنة في مواضع كثيرة التواضع. في ذلك يقول الله تعالى:" قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد" (القران،18: 110) ويقول الرسول (ص): "لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم. إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله"[2]
وعن أنس بن مالك (رض) أن ناسا قالوا: يا رسول الله، ياخيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا.. فقال: “يا أيها الناس، قولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان. أنا محمد عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل” (رواه النسائي بإسناد جيد)
والخلاصة أن أوصافه وسلوكه جسدت التعاليم الواردة في القران الكريم. هذا معنى قول عائشة (رض) في حقه:” كان خلقه القران”
واجبنا نحوه
إن حب رسول الله واجب على كل مسلم وهو دليل على الإيمان. فقد روى أنس رض) أن رسول الله ص) قال:" ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار"[3].ويقتضي هذا الحب اتخاذ الرسول (ص) قدوة عملا بقوله تعالى:" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر" ( القران،33: 21 ) ومعنى الاقتداء بالرسول اتباع أوامره واجتناب نواهيه تحقيقا لقول تعالى:" وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" ( القران،59: 7) وذلك علامة حب الله تعالى :" قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني" (القران،3: 31 ) كما يجب عليه الابتعاد عن البدع لقوله ( ص) :" من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" أي مردود عليه لا ينتفع به في الآخرة وإن تعب فيه وظنه دينا.وقال في هذا المعنى في حيث جابر رض) :" .. أما بعد فخير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة" رواه مسلم)[4]
رسالته
إن اتباع الرسول يعني تنفيذ رسالته، آخر الديانات السماوية وخلاصتها. ويجب أن يفهم أنها رسالة السلام والعدل والمساواة كما يدل عليه قوله تعالى: ” إن أكرمكم عند الله أتقاكم” (القران،49: 13) وقوله: ” ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين” (القران، 2: 190) وقوله:” ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى” (القران، 5: 8 ) وقوله: ” إن الله يأمر بالعدل والإحسان…” (القران، 16: 90 )
والخلاصة أنه يجب على المسلمين تعلم رسالته وتعليمها ونشرها بالوسائل السلمية. يجب الاهتمام بإعطاء الأولاد تربية إسلامية لأن ذلك أفضل هدية يقدمها الأب لأولاده وخير زاد يتركه لهم وخير تعبير لاعترافه بنعمة الله عليه من خلال الأولاد.
وكل مسلم مسؤول عن دينه كما قال الرسول (ص):” كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته” وكل مسلم قادر على خدمة دينه بطريقة أو بأخرى من خلال إتقان العمل الذي يقدمه للمجتمع ومن خلال تطبيق تعاليم الإسلام في سلوكه الخاص والعام إذ لا يمكن إقناع الناس بصلاحية الإسلام لكل زمان ومكان مالم يترجم ذلك عمليا في سلوك أتباعه.
الخطبة الثانية
إن الإسلام يمر بمرحلة حاسمة من تاريخه وإن أعداءه في الداخل والخارج يتكالبون عليه بطريقة لم يسبق له مثيل حتى أصبح كثير من ضعفاء المسلمين يخافون من مجرد الاعتزاز بالانتماء إلى الإسلام ويشاركون في الحرب النفسية التي تشن على أمتهم.
لذلك أصبح من أعظم واجبات زعما المسلمين إيثار المصلحة العامة على المصالح الطائفية والعمل من أجل تحقيق وحدة المسلمين ويتطلب ذلك الاجتماع والتشاور. ذلك نرى أن أفضل طريقة للاحتفال بالمولد: إنشاء مجلس شورى إسلامي: يجتمع سنويا بمناسبة المولد للتشاور في الأمور التي تهم المسلمين. لتحقيق هذه الفكرة، أدعو إلى عقد مؤتمر إسلامي عام يضم جميع زعماء المسلمين ويعقد كل سنة بمناسبة المولد في مقر أسرة دينية ويتولى المضيف رئاسة المؤتمر إلى العام التالي.
ونرى أن على المسلمين أن يطلبوا من زعمائهم إبداء مزيد من الاهتمام بالقضايا الوطنية (الاجتماعية والاقتصادية والسياسية إلخ) وألا يتركوا ذلك للسياسيين لأن ذلك يعزلهم عن الشعب ويظهرهم بمظهر من لا يهتم بمعاناة الشعب، مع أن الرسول (ص) يقول:" من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم". والاهتمام بأمر المسلمين يكون بالقول والفعل، يكون بإبداء وجهة نظر الإسلام في جميع القضايا وتقديم حلول إسلامية عملية للمشاكل الوطنية. يجب فوق ذلك أن يحافظ زعماء الدين على حيادهم حتى لا يظهروا أما الشعب كمن يتاجر بالدين ويدور مع الحكام حيث داروا.
إن زعماء الدين يملكون وسائل تمكنهم من المشاركة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد. إن بإمكانهم إنشاء مؤسسات تعليمية عصرية تجمع بين التعليم الديني والمدني وبإمكانهم بناء مستشفيات وتجهيزها والاستثمار في إنشاء شركات تخلق فرص عمل للشباب المؤهل.
وإن من واجب المثقفين أن يكتبوا في الصحف والمجلات للدفاع عن القضايا الإسلامية وأن لا يخجلوا من انتمائهم إلى الإسلام. فإن المفكرين المعادين للإسلام يفرضون أنفسهم على مختلف وسائل الإعلام ويخوضون من خلالها حربا مستمرة ضد الإسلام.
وأمام هذا الوضع يجب على كل مسلم بمناسبة المولد أن يسأل نفسه هذه الأسئلة:
ما هي أفضل طريقة للتعبير عن حبي للرسول (ص)؟
ماذا كان يريد مني؟
هل أفعل ذلك؟ وإذا لم أفعل ذلك فما الذي يمنعني منه؟
أيها الإخوة المؤمنون
إن الإسلام برنامج كامل وشامل للحياة البشرية كلف الله أشرف خلقه بتبليغها إلى الناس. فعلى المسلم الذي يتذكر هذا الرسول العظيم أن يتذكر مسئوليته عن حمل الرسالة ويقف وقفة ليحاسب نفسه على ما فعله في إطار تنفيذ ذلكم البرنامج...
أيها المسلمون، إن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيه.
خطبة 6 ربيع الأول
Istanbul heritage tour Our guide was passionate and very knowledgeable. https://www.skycats.eu/?p=6853