كيف نخاطب الله في رمضان (1) ؟؟
بقلم: د.عبد اللطيف طلحة
يتصور أغلب الناس أن رمضان المبارك هو شهر الطعام والحلوى والكعك والموائد والعزومات ثم السهر وتناول ما لذ وطاب أمام التلفاز ، أبدا لم ولن يكن رمضان بهذا الشكل والوصف ، لذا نجد الله تعالى يكافئ الصائم بطريقة خاصة عندما يقول صلى الله عليه وسلم ( قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام؛ فإنه لي وأنا أجزي به …..) إنما رمضان هو العفو والتسامح وهي من أجل الخصال عن الله تعالى ، ولا يؤتي الصيام أثره إلا بالتسامح والعفو والتي كانت من أبرز شيم الرسول صلى الله عليه وسلم مع المسلمين وغير المسلمين وسنلقي نظرة سريعة على هذا الأمر :
أولاً : مع غير المسلمين وهم أهل مكة الذين ناصبوه العداء، وأخرجوه من أحب أرض الله إلى قلبه – مكة – وخاضوا حروباً ضده في بدر وأُحد والخندق، فقتلوا من المسلمين وقُتل منهم، وأسروا من المسلمين و أُسر منهم، وردّوه عام الحديبية ، وقد جاء إلى مكة حاجّاً معتمراً، وأساؤوا إلى أصحابه فعذبوهم وطردوهم وأخرجوهم، ومع كل ذلك فإنه يوم الفتح، وبعد أن منّ الله على المسلمين بنصر ميمون، وسقط الشرك والباطل في عاصمة الجزيرة العربية، يومها قال لجموع أهل مكة وقد احتشدوا واصطفوا للقائه، ينتظرون ماذا هو
فاعل بهم ،قال: ماذا تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا أخ كريم وابن أخ كريم ، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء. فما أعظم هذا الخُلُق، وما أروع هذه الخصال أن نتحلى به في هذا الشهر الفضيل.
ثانياً : مع غير المسلمين عندما جاءه الأعرابي الذي جاء يطلب مالاً وقد جذبه من طرف ردائه فعلّم ذلك في صفحة عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم، يومها غضب عمر لهذا التصرف الأرعن من ذاك الأعرابي، فأراد أن يضرب عنقه، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له ماذا تريد؟ قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، قال: أعطه يا عمر، ثمّ مضى، فما أروع مكارم الأخلاق، وما أجمل أن نكون متسامحين مع بعضنا البعض في معاملتنا وعلاقتنا وبيعنا وشرائنا وكل حياتنا.
إننا يا سادة في أشد الحاجة إلى تعميم ثقافة العفو وخُلُق التسامح على كافة المستويات، حتى تكون ثقافة عامة، يعمل بها الراعي والرعية، الصغير والكبير، الرجل والمرأة، الموظّف والتاجر، المزارع والصناعي، العامل ورب العمل، السياسي ورجل الأمن، المواطن والمسؤول، الشرقي والغربي، المسلم وغير المسلم، لأن من شأن ذلك، التوجه بالعالم الحائر المضطرب إلى شاطئ وبر الأمان.
إذا فقدنا ثقافة التسامح سيسود بيننا ثقافة الانتقام، والبغض والحقد، ثقافة القنص والغصب وأكل الحقوق، ثقافة المجهر الذي يعمل من الحبة قبة، ثقافة الجدل المفضي إلى النار والهلاك، ثقافة بث الرعب والشك والظن، حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه من مُجانَبة الصواب، واتباع شريعة الغاب والذئاب، فبات العالم اليوم حيراناً لا يُعرف له قرار، ولا ينجلي فيه نهار ، يجب على الإعلام والدراما أن تشيع بين الناس ثقافة التسامح لا ثقافة العنف ، وأن ما نراه من قيام الدراما على العنف والسلاح والمخدرات والتعري لن يعود بالنفع على مجتمعنا ، , ونكمل في اللقاءات القادمة ، حفظ الله السنغال وشعبها من كل مكروه وسوء