كورونا أرحم منكم أيها الظالمون ؟؟
كتب: د. عبد اللطيف طلحه
العالم الذي طغت عليه معالم الجبروت والظلم والاعتداء على حق الحياة ، العالم الذي يقتل فيه الإنسان على رأيه ودينه وهويته ، العالم الذي بلغ جرمه أن يموت فيه الآلاف جوعاً وعطشاً وغيلة في مناطق كثيرة من العالم ،ليس هو العالم الذي أراده الله وأنزل فيه شرائعه ورسوله ، القوى الكبرى التي تَخفت وراء جبروتها وسلاحها أبادت أُناساً لا ذنب لهم ، إلا لأنهم اتباع دين أو اغتصابا لأرضهم وخيراتهم كما حدث في دول عديدة على سبيل المثال للحصر :
1 ـ في الهند أصدرت الحكومة الهندوسية المهيمنة على الأمور قانوناً يتسم بالقسوة وبطرد المسلمين من المجتمع الوطني بل ومحاربتهم .
2 ـ وفي منطقة شينجيانج الواقعة في أقصى غرب الصين، يواجه الإويجور وهم مجموعة من المسلمين يبلغ عددهم أكثر من 11 مليون نسمة، حملة قمع على يد الحكومة الشيوعية في بكين، العديد من القصص تهز القلوب حول احتجاز عشرات الآلاف في معسكرات الاعتقال تحت سمع وبصر العالم أجمع دون أن يتحرك له ساكن .
3 ـ جماعة الروهينجا المسلمة في ميانمار هي ضحية في الوقت الراهن لأعظم كارثة لحقوق الإنسان في عصرنا ،العالم الذي يلقب نفسه بالحر لم تزعجه المناظر التي تعرض لها الروهينجا من قتل وحرق وتشريد .
ثانياً : في قضية الجوع واستخدام البشر للأعمال الغير إنسانية دعوني أحدثكم وبلا حرج عن الدول الاستعمارية الكبرى التي احتلت إفريقيا المجاهدة شرقاً وغرباً وجنوباً ،إفريقيا التي لم تحمل سلاحاً وتذهب إلى الغرب لتقلق مضاجعهم ، جأت الدول الاستعمارية إليها من فرنسا وإيطاليا وانجلترا وغيرها لتحتلهم وتأكل خيراتهم، هذه الدول إلى الأن ما زالت تأكل خيرات ونعيم الدول التي احتلتها، وقد كنت في غرب إفريقيا فترة ليست بالقصيرة وأدركت ذلك ، كم من مواطني هذه الدول التي احتُلت أراضيها ماتوا جوعاً وعطشاً ؟ في الوقت الذي يعيش فيه المحتل في رغد وبحبوحة من العيش ،والأدهى من ذلك عند حدوث وباء في الدول الإفريقية هذه يُبتاع إليها الدواء بأغلى الاثمنة ، وعند تجربة دواء معين يجرب في موطني هذه الدول ما هذه النظرة العنصرية ؟ أليسوا بشراً مثلكم ؟
ثالثاً : الدول الكبرى هي سبب البلاء البشرية والعالم وهم الأسوأ من كورونا ، لا بل أن كورونا أرحم ألف مرة من هذه الدول، لأن كورونا يمكن الاحتماء منها بالبيت، أما هؤلاء فيهدمون البيوت والصوامع والمساجد على من فيها ،الدول الكبرى هي من تكيد وتصنع الحروب بمكيدتها ، وتصنع الأسلحة لتغذي نيران الاقتتال لتمتص دماء الأمم ، وإلا بالله عليكم أخبروني من صنع الحروب في أفغانستان والعراق وفيتنام وفلسطين والشيشان وغيرها من الأمم المستضعفة ؟ .
رابعا : الحملة الممنهجة على الإسلام :فهذا يصم الإسلام بالإرهاب ، وهذا يريد حذف آيات من القرآن الدستور السماوي لأهل الأرض، وأخيرا يخرج علينا من يقول أن كورونا ليس مكان محاربتها المسجد أو الدعاء إلى الله ، لكنني أرد عليه بما شهد به المنصفين حيث أشارت مجلة نيوزويك الأمريكية، في مقال لكريج كونسيدين أستاذ قسم الاجتماع بجامعة رايس سلط الضوء على تعاليم نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، حول النظافة الشخصية وإرشاداته إذا حل وباء بأرض ، وهذا الإجراء نسميه في وقتنا الحالي “الحجر الصحي” ، وطرح كونسيدين سؤالًا حاول الإجابة عنه قائلًا «هل تعلمون من الذي أوصي بالتزام النظافة، والحجر الصحي الجديد أثناء تفشي الأوبئة؟ فأجاب قائلًا: نبي الإسلام، مُحمد (صلى الله عليه وسليم)، قبل 1400 عام» المقال تحت عنوان “هل يمكن لقوة الصلاة وحدها إيقاف وباء مثل كورونا؟ المقال أو البحث الذي نشرته النيوزويك الأمريكية يحمل نصرا كبيرا لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ولست أنا من ينصف الرسول الأكرم باعتباري من أتباعه، بل الذي أنصفه كاتب غربي كبير لا يدين بدين الإسلام .
يا سادة
يقيني الذي لا شك فيه انا دعوات المظلومين وصلت إلى حيث مكانها ،الطفل الذي قال سأبلغ ربي يبدو أنه أوصل بلاغه ، كورونا لن تصيبنا بالهلع والخوف فنحن نؤمن بقضاء الله تعالى فمن لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد ، نحن أتباع الدين الإسلامي نؤمن بالإنسانية وقِيمها الجميلة وهي عدم الاعتداء على الأخرين ، وحقهم في العيش بكرامة، وحقهم في النصرة وقت الأزمات ، لم ولن نكون يوماً كأتباع الدين الإسلامي نحن المعتدين أبدا ولا محتلين لأرض الغير ، لم نُجيِِش للاعتداء عليكم ، ولم نحتل دياركم ، دعونا نعيش بسلام وابتعدوا عن ديننا وقيمنا وأرضنا وخيراتنا ومتاعنا ، لا تشعلوا الحروب لتقتاتوا منها ، لا تبتاعون سلاحكم لتعيشوا على أنقاض جماجمنا ، فما الله تعالى بغافل عن صنيعكم