
قرار مجلس الأمن الدولي يعكس نجاح الدبلوماسية الملكية في ترسيخ الإجماع الدولي حول الحكم الذاتي بالصحراء المغربية
السعيد عتيق
قرار مجلس الأمن الدولي منح الصحراء المغربية حكما ذاتيا حقيقيا تحت السيادة المغربية، باعتباره الحل الأنسب والواقعي للنزاع المفتعل الذي دام 50 عاما، ودعوته جميع الأطراف المعنية إلى الدخول في مفاوضات على هذا الأساس، استنادًا إلى مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب لأول مرة إلى الأمم المتحدة عام 2007، قرار أممي تاريخي بجميع المقاييس، يؤكد مصداقية المبادرة المغربية ويجسد حكمة الدبلوماسية الملكية التي يقودها جلالة الملك محمد السادس، وتتويجا بارزا لمسار طويل من العمل الدبلوماسي المبني على الحوار البناء والرؤية الاستشرافية للعلاقات الدولية.
منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس العرش المجيد، حققت الدبلوماسية الملكية على مدار 26 عاما انجازات كبرى غير مسبوقة في تاريخ المغرب الحديث، ترجمت بشكل فعلي وواقعي من خلال اعتراف عدد كبير من الدول بعدالة القضية الوطنية، وإيمانها العميق بمبادرة الحكم الذاتي كحل جاد وذي مصداقية، قد أضحى الحسم في هذه القضية اليوم أمرا واقعا، بإجماع المجتمع الدولي وبدعم الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا واسبانيا والعديد من الدول الكبرى في الساحة الدولية، وبالتالي القرار يؤكد ويحسم مشروعية الحقوق ومصداقية المبادرة المغربية، وهو قرار منصف وعادل للقضية الوطنية بعد عقود من النزاع المفتعل
أسهمت الدبلوماسية الحكيمة التي يقودها جلالة الملك في تعزيز إشعاع المملكة على المستويين القاري والدولي في مختلف المجالات، اليوم وبعد 50 عاما من النزاع المفتعل، يبدأ المغرب فتحا جديدا في ترسيخ مغربية الصحراء بعد قرار تاريخي لمجلس الأمن الدولي الذي منح تأييد اعتماد فعلي للصحراء المغربية حكما ذاتيا حقيقيا تحت السيادة المغربية وانهاء هذا الصراع المفتعل.
تجسد الدبلوماسية الملكية نموذجًا فريدًا في تحقيق النجاحات الدبلوماسية، حيث تمكنت من تحقيق مكاسب استراتيجية كبيرة لصالح قضايا المملكة المغربية واستكمال وحدتها الترابية، وقد برهنت بشكل مشهود على نجاحها في تدبير ملف الصحراء المغربية، الذي لطالما اتسم بالتعقيد وتعدد الاتجاهات، حيث نجحت كما هو معهود لها في تحويله إلى إنجاز دبلوماسي بارز على الصعيد الدولي، مرسخًا المغرب إجماعًا وتوافقًا دوليين حول مبادرة الحكم الذاتي كحل يحظى بالقبول العالمي، ويتميز بالواقعية والمصداقية في التنفيذ على أرض الواقع.
نجاحات دبلوماسية متتالية تُترجم بوضوح في الارتفاع اللافت لعدد التمثيليات الدبلوماسية بالأقاليم الجنوبية، و من خلال دينامية طلبات افتتاح القنصليات، بما يعكس الطلب المتزايد من عدة دول، وفقًا للقوانين المنظمة للعلاقات القنصلية، وإيمانًا صريحًا بمغربية الصحراء، كما يعكس هذا الاعتراف الدولي إدراك هذه الدول للمقومات الاقتصادية والتنموية المتوفرة بالأقاليم الجنوبية، والتي تجعلها قطبًا استراتيجيًا للتنمية المحلية وبوابة نحو التنمية القارية.
وفي الوقت ذاته، تُجسّد هذه الخطوة رؤية متقدمة للصحراء المغربية كمصدر إشعاع إقليمي ونقطة ارتكاز للمملكة داخل إفريقيا، وتشكل شهادة صريحة على دعم الوحدة الترابية، وإقرارا بالاستقرار والأمن الذي تنعم به الأقاليم الجنوبية في سياق إقليمي يكتنفه العديد من التحديات والاضطرابات.
أسست الدبلوماسية الملكية، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، قناعة دولية راسخة بواقعية ومصداقية مبادرة الحكم الذاتي، حيث ساهمت الجهود الملكية المتواصلة في جعل هذه المبادرة المغربية للحكم الذاتي محور اهتمام المجتمع الدولي، ومركز الثقة والاعتراف بقيمتها كحل عملي وواقعي للنزاع حول الصحراء المغربية.
المغرب ظل وفيًا لالتزامه الصادق بالتعاون والشراكة مع مختلف الدول الإفريقية الشقيقة، مؤكدًا من خلال العديد من المبادرات القارية سواء التي أطلقها أو التي ساهم فيها أو انخرط من خلالها؛ حرصه على انتمائه العميق للقارة الإفريقية بحيث أن المغرب بقيادة جلالة الملك قد بادر في مناسبات عدة إلى إطلاق مبادرات بناءة ومقاربات عملياتية لمعالجة مختلف الأزمات التي تواجه القارة في سياقات دولية متعددة.
ومن خلال هذه المبادرات، رسخ جلالة الملك صورة المغرب كفاعل أساسي ووسيط موثوق في ترسيخ السلم والأمن والتنمية بالقارة الإفريقية، توج هذا النهج الملكي الإفريقي باقتراح المبادرة الأطلسية، القائمة على الاندماج والتكامل الاقتصادي لدول منطقة الساحل، والتي تجسد رؤية مبتكرة وطموحة لفضاء إقليمي تنموي مشترك، يعزز فرص التنمية المستدامة بالقارة الافريقية.
أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض مراكش المملكة المغربية



