عن كتاب سعادة الطلابللشيخ مباكي بوسو في سيرة الشيخ الخديم
كان الشيخُ مباكي بوسو طيلةَ حياته مقتفيا لسيرة شيخه الخديم رضوان الله تعالى عليهم، وكان يسير وفق خطاه، بل لازمه أثناء وقبل تأسيس الطريقة المريدية.
وقد عرف الشيخ بفصاحته ومعرفته بعلوم اللغة العربية، مما مكّنه من الخوض في بحور العلوم والتميز في البحث والتأليف.
ولما شرعت اللجنة العلمية التابعة لمؤسسة سلم الوصول في سبيل اقتفاء هذه الآثار العلمية التي خلدتها المكتبة المريدية، قامت هذه الأخيرة في كشف خبايا هذه المادة الخامة، التي تخدم البشرية بصفة خاصة والمريدية بصفة عامة .
فكانت المرحلة الأولى ، بعد مشاورة وتداول الآراء أن يتم البدء بتحقيق هذا الكتاب تحقيقا علميا موافقا للمعايير العلمية الحديثة ، وللأمانة العلمية.
وهذا الكتيب عبارة عن ترجمة وجيزة للشيخ الخديم ، لما طلبها أهل المشرق لغرض طبع كتبه ،وقصائده المتمثلة بأمداح نبوية ورسائل علمية ، وعليه طلب الشيخ الخديم من مريده الحاج مباكي بوسو أن يكتب عنه تعريفا يحقق الغرض المنشود.
وفي هذا الصدد نجد الشيخ الحاج مباكي بوسو يسلك أسلوبا عجيبا، أقرب إلى التورية أثناء تدوين سيرة الشيخ الخديم.
ونجد الشيخ امباكي يمزج بين الخيال والواقع في هذه الترجمة،كما وقد كان الشيخ مباكي قد أبرم وعزم على عدم بث خصوصيات الشيخ الخديم ، وأحجم عن الخوض فيها، وذلك ما أشار إليه في قصيدته أراك تعاطي الشعر ولم يكن هذا الأسلوب جديدا في كتابات الشيخ مباكي ، حيث استخدمه في كثير من مخطوطاته ونذكر منها ما يلي :
١)رسالته الشهيرة:لسان الحق يتكلم…..
٢)قصيدته أراك تعاطي الشعر :أوضح فيها السلوك المريدي في حضرة الشيخ الخديم دون إبراز شخصيته .
وكان هذا دأبه في كثير من كتاباته .
و كان من الأهمية بمكان و للأمانة العلمية ذكر وتأصيل نسبة هذا الكتاب (سعادة الطلاب) حيث ظفر بسلسلة ذهبية كابرا عن كابر ،ورُوي عن ثقات من مؤرخي المريدية نذكرهم كالتالي:
١) سرين محمد خر بس يؤكد نسبة الكتاب للشيخ مباكي بوسو.
٢) سرين سيد مولاي بوسو وكان يقصد بقوله أن الشيخ مباكي بوسو وضع الأصل ،أنه هو الكاتب ، الملقب باسم عبد الله المدني في هذا الكتاب.
٣) الشيخ مفال فال أكد نسبة الكتاب للشيخ مباكي بوسو في كتابه (إزاحة السدف عن بعض علماء الولف)
٤) الشيخ محمد الأمين الدكاني أقرّ بأن الشيخ مباكي سمى نفسه عبد الله المدني. ( النبذة المباركة)
٥) الشيخ محمد البشير في كتابه (منن الباقي الخديم)
٦ ) الحاج محمد المحمود انيانغ. (في كتاب النهج القويم)
في هذا الإطار نسترجع الجو الزمكاني للمخطوط من ناحية أخرى في مقابلته لمخطوطات الشيخ مباكي بوسو،فنجد شبها عجيبا.
ومن الجدير بالذكر ، أن أحد اعمدة ومشايخ المدرسة الكدوية، وحامي تراثها، مولانا الشيخ سيدي مولاي ،تلقى عنه عدد كبير ومرموق في مجال البحث العلمي ،فأفادهم بكون الشيخ مباكي بوسو العلامة هو المتسمي باسم عبد الله المدني، لأسباب … هذا الأمر مما يزيل الشك والريب فيمن جعل شخصية عبد الله المدني حقيقية.
ومن خلال التصفح لهذه السيرة العطرة نجد بعدا آخر يرمز، إلى أن السائح كان ملما بما سوف يؤول إليه مصير الكتاب المكتوب ولم يخلص بعدُ من تدوين الكتاب ، هذا وجه آخر مما يثبتُ كون السائح حاضرا قبل خوض السياحة ، وحكى بتلكم المصيرة أثناء التأليف، وقبل إنجاز المكتوب، فكان على علم بالحاجة الملحة من ضرورة كتابة هذا التعريف ويقوم مقام التزكية أمام المطبعة من أجل تمام الطباعة ووو، فلو كان السائح أجنبيًا لا يذهب نحو هذا الصوب بل يكتفي بكتابة الجريدة ، فينتفع بها الأجيال …. لكن كان هناك غرض أساسي ومطلب سام، وراء التأليف.
كذلك حكي الشيخ محمد المحمود انجاك حاجة المطبعة إلى ترجمان لصاحب هذه القصائد والدرر النفيسة.
وثمة بعد آخر وهو أن عبد الله المدني ، رغم هذا الفيض والذوق مع العلم الجمّ الجليل في هذه السطور ، فيُستبعدُ أن يحرمنا من سلالته وأصله ،لما عهدناه من علماء المشرق والمغرب العربي ، في المحافظة على النسب والأصول.
هكذا كانت الحاجة ملحة إلى هذه السيرة العطرة، فاتخذ الشيخ مباكي بوسو هذا النهج، فأبهر.
ولقوة هذه الأسانيد وعدالة رواتها استنتج التحقيق ان المؤلف:
هو أبو البركة الحاج مباكي بوسو، وهذا وِفق هذه الجذور التاريخية كابرا عن كابر من أعمدة وأوعية علمية لا يشق لهم الغبار في حضرة الطريقة المريدية، ومع ما آلت إليه البحوث العلمية المجردة.
وظل الكتاب كاسمه المستعار أيضا من قبل اللجنة سعادة للباحثين ، وجدير بالذكر ان اصل الكتاب كان ترجمة عن الشيخ احمد بمب، وضعها العلامة الكدوي، حيث صاغ العلامة السياحة بســرد المعنى ودمج المغزى فأشفى غليلا وأفحم مريبا ، وشبّك فجاجاً واوجز فأفاد واقتضب فأجاد، وكان المضمون راقيا يروق له المعنى كرقة لفظه ،فلم يبق جانبا مهما إلا وتناوله ، ولامبهما إلاّ وحلّه، كما قال الشيخ محمد الأمين الدغاني: حيث قال في النبذة المباركة (أما اسمه فكما عرف شيخنا محمد البصوبي المتسمي ب عبد الله المدني في نبذته التي اختصر فيها أمره اختصاراً عجيبا،بحيث لم يترك لمعرف مقالا إلا ما كان من بعض التفاصيل والطوارئ)…
المراجع:(إزاحة السدف عن بعض علماء الولف)
٢(النبذة المباركة)
٣(منن الباقي الخديم)
٤(النهج القويم)
٥بعض مخطوطات (الحاج مباكي بوسو)
هذا وتسهر اللجنة حاليا لتقديم المزيد من الثمرات العلمية في شتى العلوم والتراث العلمي المريدي، وتفتح أبوابها لجميع اللجان والدوائر العلمية المهتمة بالتراث.
وصلى الله تعالى على خير المبعوث رحمة للعالمين وسلم.
اللجنة العلمية التابعة لمؤسسة سلم الوصول
حررت٢٨ جمادى الآخرة ١٤٤٥ هجرية