عاشوراء .. اليوم العاشر من محرم
د. حمدان الغامدي
اليوم هو العاشر من شهر مُحَرَّم في التقويم الهجري، ويسمى عند المسلمين بيوم عاشوراء وهو اليوم الذي نجّىٰ الله فيه موسى من فرعون و جنوده و قال تعالى مخاصبا موسى عليه السلام وقومه:
( وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ )
و ذلك بعدما خاف قوم موسى من فرعون و جنوده وقالوا لموسى في قول الله تعالى:
( فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ )
ثم جاء جواب موسى عليه السلام لقومه ( كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ )
فهداه الله وقال عز وجل:
( فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ )
فضرب موسى بعصاه البحر بأمر ربه كما أوحى إليه فأنفلق وسلك موسى وقومه الطريق حتى الشاطي الثاني ونجاهم الله جميعاً واغرق عدوه وعدوهم فرعون وجنوده حين اطبق عليهم البحر .
وكان هذا اليوم عظيم عند موسى وقومه و كان موسى عليه السلام وقومه يصومون هذا اليوم العاشر من شهر محرم شكرا لله تعالى أن نجاهم من فرعون و جنوده.
فعلم نبي الأمة محمد صل الله عليه وسلم بصيام اليهود في ذلك اليوم العاشر فامر بصيامه .
روى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال : حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ قَالَ فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . رواه مسلم
ومن هذا الحديث تتضح نية الحبيب صل الله عليه وسلم بصيام اليوم التاسع قبل العاشر لتكون مخالفة لليهود.
وللفضل العظيم الذي يعود على الصائم ليوم عاشوراء تأتي
أهمية صيامه كون أن المصطفى صل الله عليه وسلم صامه وأمر بصيام للأجر الكبير الذي يعود على الصائم ولأنه أولى بموسى حيث أن
رَسولُ اللهِ صَلَّ اللَّهُ عليه وسلَّمَ قَدِمَ المَدِينَةَ، فَوَجَدَ اليَهُودَ يَصُومُونَ يَومَ عَاشُورَاءَ فَسُئِلُوا عن ذلكَ؟ فَقالوا: هذا اليَوْمُ الذي أَظْهَرَ اللَّهُ فيه مُوسَى، وَبَنِي إسْرَائِيلَ علَى فِرْعَوْنَ، فَنَحْنُ نَصُومُهُ تَعْظِيمًا له، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: نَحْنُ أَوْلَى بمُوسَى مِنكُم فأمَرَ بصَوْمِهِ .
وأخبر صل الله عليه وسلم بالأجر العظيم الذي يناله الصائم ليوم عاشوراء كما جاء في الحديث:
عن أبي قتادة رضي الله عنه، أنّ النّبي صلّ الله عليه وسلّم قال: (صيام يوم عاشوراء، أحتسب على اللَّه أن يكفر السّنة التي قبله)
نسأل الله أن يتقبل من الصائمين وأن يُكفر عنهم السنة التي قبله والتي بعده.