صناع العقول ..أكثر الناس تأثيرا في المجتمعات
محمد سامبا جاخو
العلم ( المعرفة ) غذاء العقل، وهو السبيل الوحيد إلى قيام الأمم ورفعتها وتقدّمها وازدهارها، وهو النور الذي ينير الدرب أمام البشرية ليخرجها من ظلمات الجهل، فلولا العلم لبقيت البشرية في ظلامٍ دامس، ولكانت حياة الإنسان أشيه بحياة الحيوانات، تحرّكها الغرائز فقط، وقد حثّنا ديننا الحنيف على طلب العلم والسعي وراءه، فالعلم هو الطريق الوحيد لمعرفة الحقائق واكتشاف كلّ ما هو مبهم وغامض، ومواكبة كلّ ما هو جديد في هذا العالم، والسعي في طلب العلم يحتاج الكثير من الجهد، وحتى ينتشر العلم بين البشر لا بد من وجود المعلّمين والمدرسين الذين يحملون على عاتقهم هذه المسؤوليّة العظيمة.
ومن هنا تدرك أهمّيّة مهنة التدريس فهي من المهن التي عرفها البشر منذ قديم الزمان، فقد كان الكهنة في العصور الغابرة يقومون بمهمّة تعليم الآخرين وتثقيفهم، إلا أنّ أعظم وأنبل المعلمين الذين شهدتهم البشرية هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، الذين علمو البشر العقيدة الصحيحة وتوحيد الله عزوجل وحده لا شريك له، وأخرجوا البشر من ظلمات الجهل وخلفوا من بعضهم معلّمين عملوا على نقل كل ذلك عبر الأجيال.
تعتبر مهنة التدريس من أشرف المهن التي يقوم بها الإنسان، فأهميّتها لا تقلّ أبداً عن الطبّ أو الصيدلة أو المحاماة وغيرها من المهن، فالمعلم هو وارث الانبياء وهو الشخص الذي ينشئ أجيال واعدة متعلمة ومثقفة، فعندما يقف المعلم في الصف فإنه يعطي علمه لعشرات الطلاب وليس لطالب واحد، لذا فإنّ تأثيره على المجتمع سيكون كبيراً من خلال التأثير على عقول ذلك العدد الكبير من الطلاب، فالمعلم قبل أن يعطي علمه لتلاميذه فهو أيضاً يعلّمهم الأخلاق الحميدة، ويهذب طباعهم، ويجعل منهم أشخاصاً ذوي هدف في هذه الحياة، وينير عقولهم ليفكروا بطريقة صحيحة وإيجابيةّ، ولكشف الحقائق أمامهم، كما أنّ جميع المهن الأخرى لا يمكن أن تكون موجودة دون المعلم، فالطبيب مثلاً قبل أن يصبح طبيباً كان قد مرّ على يدي معلم جعله يتقن الطبّ، والمعلّم يولد الأمل لدى طلابه ويجعلهم أكثر يقيناً بأنّهم هم بناة المستقبل. بالإضافة إلى كلّ ما سبق فإنّ المعلم هو الذي يخلق طلاباً أكثر إبداعاً في مجالات الحياة المختلفة من خلال تجدده وابتكاره في أداء مهنته، وهو الذي يشجعّهم على المضي قدماً نحو المزيد من الإبداع، وبالتالي فإنّ مهنة التدريس هي المهنة الوحيدة القادرة على بناء المجتمعات الناجحة والمتفهّمة لهذه الحياة ومتطلّباتها، والمواكبة لكلّ ما هو جديد في هذا العالم، وهي المهنة التي تنشئ العلماء والمفكّرين وغيرهم في المجتمعات المختلفة.