مقال: ذكرى نفي الشيخ الخديم .. قصة البطولة والقدوة في قوة الإيمان
أ. فاضل غيي
تعود الذكرى الغالية .. ذكرى نفي الشيخ الخديم ، و قد تزينت المحروسة وتعطرت لاستقبال ضيوف المدينة المباركة الذين يتدفقون من كل فج عميق ، ويتوافدون على طوبى شكرا لله ، وتخليدا لهذه الذكرى الخالدة ، والواضح أن مناسبة ماغل ترمز إلى انتصار الحق من الباطل وغلبة الإيمان على الكفر ، إذ قابل الشيخ الخديم الكفر بالتوحيد ، وغطرسة المستعمر الفرنسي بشجاعة المؤمن الواثق بربه ، ورد على التنصير الذي جاء به المستعمر الفرنسي بقوله : يا جملة قد ثلثوا بضلالهم *من لم يكن ولد له أو والد
ثم لما يئسوا من زعزعة إيمانه وكسر شجاعته اختلقوا الأكاذيب ووضعوا الحيل والمكائد ، واتهموه بالاستعداد للجهاد ..فاعترف بأنه فعلا مجاهد ، لكنه جهاد من نوع آخر :
ومقالكم إني أجاهد صادق *إني لوجه الله جل أجاهد
أجاهد بالعلوم وبالتقى *عبدا خديما والمهيمن شاهد .”
وهكذا فكر المستعمرون ودبروا ، وخططوا وتآمروا ، ثم عزموا على نفيه خارج السنغال بعيدا عن أهله ومحبيه وتلاميذه ..
لكنه استقبل القرار الظالم الجائر بإيمانه القوي الذي لا يتزعزع ، إيمانه بالله وبقضائه وقدره ، ثم التوكل عليه والخشية منه ..بل التسليم المطلق لما يشاء ويختار من غير تواكل أو الاتكال على أحد ..وإنما نوى وهو يسير الى دار غربته في افريقيا الإستوائية خدمة حبيبه ومخدومه صلى الله عليه وسلم : خرجت يوم السبت ثامن عشر * لخدمة المختار في شهر صفر .
وهناك في الغابون عاش أكثر من سبع سنوات موحدا لربه ومادحا للرسول الكريم خادما له ..لا أولاد ولا تلاميذ ..لا أهل ، لا أحباب ..لكنه استأنس بالقرآن الكريم وبالصلاة والمدح مخاطبا البحرقائلا :
لي اشهد بكوني عبد من يغفر الذنبا * وكوني خديم المصطفى بحر مايمبا “
هذه هي قصة هذه الذكرى التى يحتفل بها المسلمون في السنغال هذا اليوم ، وأعتقد أنه ينبغي قراءة حياة هذا البطل الاسلامي قراءة جديدة لتسليط الضوء على نجاحه في قهر العدو المستعمر دون استخدام السلاح أو اللجوء الى الانتقام منه ..
وتمسكه بتعاليم الله تعالى وسنته رسوله صلى الله عليه وسلم في بيئة تملأه الجاهلية والوثنية ..وزهده في متاع الدنيا
وانصرافه عن ملذات الدنيا ، وابتعاده عن كل ما يقبل عليه الناس من الاغراءات المادية المزيفة والذي جسده في بيته المشهور :
لا تشتر الدنيا بأخرى يا فتى * من باع نورا بالدجى فسيندم
فهنيئا لمسلمي السنغال بذكرى نصر خادم الرسول ..وهنيئا لآل الشيخ بهذه المناسبة الوطنية الكبيرة