Articles
دلالات انخراط “العدل والمساواة” في الجيش السوداني
د.أمينة العريمي
دخول حركة العدل والمساواة بكامل عتادها العسكري والأمني دعماً للجيش السوداني أراه تحول مركزي سيطال قريباً معظم الحركات المسلحة السودانية التي كانت حتى وقت قريب تفتقر للرؤية حول حقيقة الصراع السوداني السوداني، وهذا التحول عززته دلالات سياسية وأمنية:
- قناعة الكوادر الأمنية والإستخباراتية والسياسية في العدل والمساواة بقرب حسم الصراع المسلح بين المكون العسكري السوداني “الجيش السوداني، الدعم السريع” لصالح الجيش، وبالتالي لابد من تسجيل موقف إستباقي حفاظاً على الحضور السياسي في سودان ما بعد الأزمة.
- تطّلع حركة العدل والمساواة إلى إنهاء حالة التوجس والقلق التاريخيّ بينها وبين الدولة السودانية بعد سنوات من الإقتتال، وهذه خطوة طالما نادى بها المؤسس الراحل للحركة “عبدالله خليل” تحقيقاً لحلم “السودان الموحد”.
- تكامل مثلث المصالح الإستراتيجية بين الجيش السوداني والعدل والمساواة والكوادر العليا في الجيش التشادي في دحر قوات الدعم السريع وتحجيم دورها المتنامي في غرب السودان تحوطاً من تمكن عناصره من الشرق التشادي وخلق بؤرة صراع قد تكون القاصمة لحكم “الزغاوة” في تشاد.
صحيح إن إنخراط العدل والمساواة عسكرياً مع الجيش السوداني يعتبر تطور مفصلي في خط سير الأحداث التي تشهدها الساحة السودانية وهو قطعاً تطور له ما بعده، ولكن الأهم من ذلك أنه سيكون له مردود سياسي كبير على صعيدين هامين:
الأول: على الصعيد الوطني، مستقبل حركة العدل والمساواة “السياسي” في دارفور بعد إنتهاء الأزمة، وأعني هنا أن مستقبل الحركة سيُرسم بطريقة مختلفة وهذا سينعكس قطعاً على منتسبي الحركة والداعمين لها في دول الجوار “تشاد، ليبيا، النيجر”
الثاني: على الصعيد الإقليمي، تنامي حالة الإنتماء القبلي الممتد لقبيلة الزغاوة وهذا ما تخشاه إنجامينا في الوقت الحالي وإن كانت ترغب به لو كان موقف القيادة السياسية التشادية من الأزمة السودانية مختلفاً عما هو عليه الآن، ولكن في ظل الوضع الراهن أرى أن تصاعد حالة الإنتماء القبلي قد تتخذ طريقان: فإما أن تعمل عرقية الزغاوة السودانية مع الزغاوة النافذين في تشاد بالتعاون مع الدائرة المقربة للرئيس “محمد ديبي” على الإطاحة به حفاظاً على إبقاء السلطة بيدهم “الزغاوة”، وهذا قطعاً سيقود إلى تغير المشهد السياسي تماماً داخل تشاد وخارجها، وسينعكس بالطبع على سير أحداث الصراع السوداني السوداني، وهذا ما سيعيد إستراتيجية الحسابات الإفريقية الإفريقية إلى الواجهة وسيجبر “بانغي” على اللحاق بركب “تشاد” (دون تغيير رأس السلطة في إفريقيا الوسطى)، وإما أن يعقد مجلس عائلة “ديبي” إجتماعاً مغلقاً مع كبار القيادات الأمنية في الجيش التشادي والإتفاق فيما بينهم على تحويل ملف العلاقات التشادية السودانية لقائد أمني “مستقل” يتم إختياره والتوافق عليه وفقاً لما تقتضيه المصلحة الوطنية والأمن القومي التشادي، بوجود لجنة مراقبة “مختصة”، ويبقى السؤال هنا هل سيكون ذلك بعلم “فرنسا” وإن كذلك فما هي رؤية باريس لمستقبل أخر معاقلها في الساحل في ظل تلك التطورات فيما لو حدثت؟ هل ستعمل فرنسا على تجنيب تشاد الإنهيار الداخلي والتضحية “بكاكا” مقابل الحفاظ على حضورها النافذ في أنجامينا؟ أم أن تسارع الأحداث في منطقة الساحل الإفريقي بات يفرض واقعاً يخالف كافة التوقعات، بعد إستقواء إحدى دول تحالف الساحل الجديد “النيجر” على وضع أكبر قوة عسكرية في إفريقيا “أفريكوم” على المحك.
باحثة إماراتية في الشأن الإفريقي