خطاب “طاهر سار “السياسي..بين أوهام الإصلاح والاستهلاك المحلي !
جبريل عايشة لي ( السماوي )
الخطاب السياسي الذي يتمحْوَرٌ كلّه حول مسألة الهجرة وأوضاع الأجانب في الدولة، ليس مشروعا إصلاحيّا هادفا بقدر ما هو إنتهازية سياسية محضة.فالمشروع السياسي يكون مجموعة من الأفكار والخطط التي تهدف إلى إعادة تشكيل النظام السياسي في الدولة أو المجتمع.
لذلك يجب أن يكون رؤية شاملة للمستقبل وأسلوب التفكير المستقبلي للحكم والإصلاح السياسي والتنمية الاقتصادية والانتقال الديمقراطي.
إنّ طاهر صار يسعى إلى استغلال السخط الشعبي على الهجرة وتواجد الأجانب في السنغال، لصناعة قاعدة شعبية، تكون له ورقة سياسية رابحة، للّعبة ودخول أجواء المناورة والتأثير على الحياة السياسية للدولة. فهو فتح لخطابه السياسي بابا، ظاهره الاصلاح، وباطنه من قِبَله المراوغة والانتهازية.
والرّجل يتمتع بشخصية ماكرة وطرحه السياسي خدّاع مٌزخرف، وله قدرة على البوح والإقناع وتشخيص المعضلة، فطرحه لا يستمدّ من علم رصين ولا من مشروع إصلاحي ناضج، وإنما من استهلاك سياسي شرهٍ.
لا يوجد ابن بارّ للسنغال يرفض فكرة إصلاح دائرة الهجرة والأجانب، لكن يبقى هذا الموضوع أداة للإصلاح السياسي وليس مرتعا للاستهلاك المحلّي. فالحكمة الدبلوماسية ليست في ممارسة الابتزاز والاستفزاز السياسي ضدّ الأجنبي الذي تشارك معه نفس المنطقة ونفس التاريخ والهوية .
والسنغال كدولة ساهلت كثيرا عن وضع الأجانب في أحضانها وحذافيرها. فنحن عطشى إلى رؤية خارطة إصلاحات واسعة ووضع قواعد محكّمة وإجراءات حاسمة حول نظام الهجرة، من مراقبة الحدود ومنع بيع أوراق المواطنين للأجانب ومنع الرشوة داخل المؤسسات الادارية.
خطاب طاهر صار خالِ من النضج الفكري وعارٍ من الوعي السياسي، فالسنغال كجغرافيا تنتمى إلى إحدى أكثر المناطق حساسية في القارة، لذلك يمكن أن يعرّض حياة الجالية السنغالية بدول الجوار، بالخطر، كما يضع استقرارهم، على المحك ومقصلة الكراهية.
فالمنطقة بحاجة إلى لمّ الشّمل وسدّ الفراغات التي استغلها المستعمر لبسط قبضتها وفرض هيمنتها على شعوبها. وهذا الملف يجب أن يتناوله التكنقراطيون الواعون، لا يضعون الأجنبي داخل السنغال، تحت الضغط والخوف وعدم اليقين، والألم، أو هندسة وافتعال سخافات وأزمات أمنيّة مع الجيران.
فهو يعرف أن بعد سونكو ومشروعه الاصلاحي الذي عبر كطوفان الوعي، إلى جميع ربوع البلاد؛ لا يمكن لسياسي أن يحصل على حضور سياسي واهتمام إعلامي ، ويلفت أنظار الجماهير إلا بإحداث ما لم يكن مألوفا في الساحة السياسية، لذلك جاء بطرح سياسي لم يبدأ به أحد قبله. وهذا ذكاء ودعاية سياسية في الوقت نفسه .
باتت جماعة كبيرة من الشباب يوافقونه. وذكاؤه يكمن في استنساخه ما للغرب والدول الأخرى من سياسات في معاملة الأجانب والتظاهر بأنه من بنات أفكاره، يعني هو يطبق نفس أسلوب الأحزاب القومية في فرنسا وأمريكا ، ويأتي بطروحات منطقية لاقناع الشباب دون ان يحسب للارث السياسي السنغالي وعلاقاتنا الدبلوماسية مع دول الجوار حسابا.
نحن مع الاصلاحات العامة فيما يتعلق بموضوع الهجرة والأجانب، لكن ليكن بطرح ناضج وأسلوب دبلوماسي علمي، ويتم قراءة الموضوع من جميع أبعاده السياسية والاقتصادية والأمنية والدبلوماسية.
لتأييد فكرتك يا أخي، يمكن التركيز على نقد خطاب طاهر صار الذي يزعم الإصلاح، ولكنه في حقيقته خطاب انتهازي يسعى لاستغلال قضايا الهجرة والأجانب لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المصلحة الوطنية.
هذا النوع من الخطاب لا يهدف إلى تطوير سياسات شاملة ومستدامة، بل يعتمد على أسلوب مثير للجدل وقابل للانحراف نحو التطرف، مما يهدد استقرار البلاد وعلاقاتها مع جيرانها.
ومن هنا نبدأ بتحليل هذه الركائز الآتية:
ـ أهمية الإصلاح الشامل: ينبغي أن يكون الإصلاح السياسي شاملًا ومرتكزًا على رؤية واعية تستوعب جميع أبعاد مشكلة الهجرة، ويتطلب فهمًا دقيقًا لآثار هذه السياسات على مختلف الأصعدة. فطرح قضايا الهجرة بشكل سطحي وخادع، كما يفعل صار، يقود إلى قرارات غير مدروسة ومخاطر تهدد الاستقرار الوطني والدولي، بدلاً من توجيه الشباب نحو المشاركة الإيجابية والبناءة.
ـ ضرورة الاعتدال الدبلوماسي: السنغال، كدولة لها تاريخ عريق من التعايش والتعاون الإقليمي، تحتاج إلى معالجة قضية الهجرة بأسلوب علمي ودبلوماسي، يحترم مبادئ الجوار والهوية المشتركة. فالاستفزاز السياسي للأجانب والتضييق عليهم قد يفتح الباب لردود فعل سلبية قد تضر بالمصالح السنغالية في الخارج.
-الدعوة إلى وعي سياسي عميق: يتطلب الإصلاح السياسي نضجًا فكريًا، وهذا لا يتحقق من خلال استنساخ سياسات دول أخرى وتطبيقها بلا مراعاة للخصوصية المحلية. فالسياسة الناجحة تُبنى على التفكير العميق والمستدام، وليس على استغلال العواطف الشعبية واللعب على الأوتار القومية.
ـ المخاطر على المدى البعيد: خطاب صار لا ينفصل عن طموحات سياسية قصيرة الأمد، قد تُعَرِّض البلاد لمزيد من الأزمات، بما فيها زيادة التوتر بين الجالية السنغالية ودول الجوار، مما قد يضع الأمن القومي في دائرة الخطر.
طاهر صار ليس رجل سياسي ذات أهداف وطنية.