Articles

تنويرات : جفاف الأنفةواستعباد الإنسان

عبد القادر عبد الرزاق انحاي

الإنسان حقا من إذا حُرم له حق خالص تألم فتأهب لاسترداد حقه ، و إذا أهين انزعج فانتفض لحفظ شرفه ، و إذا ظلم استاء فثار لرد العدوان عليه ، و إذا هزم في معركة تحسر فتجهز و خاض معركة اخرى لأخذ ثأره.

و كما يشعر بالمرارة و ينتفض عندما يحل به الظلم يشعر به، و ينتفض عندما يحل بالآخرين؛ إذ الإنسانية لا تكتمل في إنسان إلا إذا كان الآخرون كأعضاء جسده ، يتالم لمعاناتهم و يفرح بسعادتهم.

و لا خير في إنسان لا يشعر بألم الحرمان و وخز الإهانة , و مأساة الظلم و مرارة الهزيمة ، عندما تحل به او بغيره. و هو بهذه الحالة جماد ، إذ ماتت فيه الشهامة و الأنفة و الشموخ و الشرف ، ماتت فيه الإنسانية.

و ما قامت حملة إستعمارية ، أو نظام استبدادي في بلد من البلدان إلإ و قد تمكنت هذه النفسية: نفسية جفاف الأنفة في مجتمعه: مجتمع القابلية للإستعمار كما يقول مالك بن نبي بان يتوارثها جيلا عن جيل ، او يغرسها فيه المستعمر او المستبد.

و في هذا المجتمع المصاب بجفاف الأنفة يقدم الحاكم استبداده و ظلمه و فساده على انها قانون ، و يتقبلها المحكومون كذلك قانونا واجب النفاذ.

و لا توجد حقوق مشروعة للشعب بل صدقات يتفضل بها عليه صاحب الجلالة ، أو سعادة الجنرال ، او سيادة الرئيس؛ فيقدم الحاكم خدمات التعليم و الصحة و التنقل و التموين على انها صدقات ، و يتقبلها المحكومين كذلك إن حسنت فشكر ، و إن أساءت فصبر .

و كم رأينا من المحرومين التعساء ، و المنبوذين الأشقياء ، من يلهج لسانه بشكر الحاكم ، و يصفق له كأنه فاز بغنينة الدنيا ، لأنه الحاكم أعطاه كيسا من الأرز أو السكر بالمليارات التي سرقها من المال العام.

فلا اعلنوا على الملأ: أن السلطة وديعة من الشعب و ليست تملكا عليه ، و ان الخدمات العامة حقوق مشروعة للشعب و ليست صدقات له ، و أن الاستبداد و الظلم و الفساد جرائم ضد الإنسانية و ليست قانونا ، وأنها ينبغي أن تكون الوقود الذي يشعل الثورة و ليس الأسس التي تُسيٌر الدولة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. Woah! I’m really loving the template/theme of this blog.
    It’s simple, yet effective. A lot of times it’s challenging to get that “perfect balance” between superb
    usability and visual appeal. I must say you’ve done a very good job with this.

    In addition, the blog loads extremely fast for me on Opera.
    Outstanding Blog!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى