
تابين: الشيخ أحمد عيان تيام : انهدام ركن من أركان الوحدة الإسلامية في السنغال
أ.عثمان جو
في عام 2017م؛ اتصل بي صديقي ومحل والدي، المرحوم “سيدي الأمين انياس” من دكار؛ ليخبرني بأن السيد “أحمد عيان تيام” المعروف في القاهرة للمشاركة في مؤتمر جمعية حكماء المسلمين التي
يرأسها شيخ الأزهر الشريف، الإمام الأكبر
، وأن من الضروري أن أتحرك لملاقاته في الفندق الذي هو فيه. أخذت منه بسرعه بيانات الفندق، ورقم تليفونه. ثم تحركت فورا. وبعد المقابلة الأولية التي ختمناها بجلسة غداء في الفندق؛ خرجت بانطباع أولي عنه يقول: هذا رجل يحمل معه ذكرى وذكراة التاريخ أينما حل وارتحل. ذلك أني وجدته رجلا هادئا ودودا، يملك جاذبية رهيبة، من طينة من تألفهم وتهابهم في آن واحد. دائم اللهج بقصصه وتجاربه مع شيوخه: العلامة الخليفة الحاج محمد انياس، ثم الشيخ أحمد عيان سه بن الشيخ العلامة عثمان سه، ثم الخليفة العمري: تشرن محمد المنتقى تال. ثم توثقت العلاقات بعد ذلك أكثر؛ خصوصا أنه كاشفني حين ورد ذكر “آل آمنة غي” أثناء حديثنا في الفندق؛ وهو جدي الرابع من جهة أمي؛ بأن “آل آمنة غي” أيضا أخ غير شقيق لجده هو أيضا من جهة أمه؛ وهو “معاذ غي”. ومن ذلك الحين؛ وأنا أعتبر الشيخ أحمد عيان تيام؛ جدا لي بيني وبين نفسي. خصوصا أن أمي دائما ما يذكرها وجه الشيخ أحمد عيان حين تراه في وسائل الإعلام؛ بوجوه أخوالها المتوفين كلهم. فتظل تقول: كم يشبه هذا خالي فلان وعلان. دون أن تعلم بصلة القربى بينه وبين أخوالها. فالدم يحن؛ كما يقول المصريون.
ومن هنا توثقت علاقتي به أكثر؛ حتى وكلني بطبع كتابه “الإسلام عدالة وإنسانية” الذي اعتني به صفا وتنسيقا: صديقي الوفي الأمين محمد جانج Mouhamed Diagneفصدر النسخة العربية عام 2019م من منشورات تمبكتو، ثم استشارني في ترجمة الكتاب إلى الفرنسية، فعرفته بأخي المترجم الضليع، إبراهيم انجاخاتي، فتم ترجمة الكتاب بمساعدة ابنه البار الحاج تيام المقيم بباريس. ثم طبعت هذه الترجمة الفرنسية عام 2020م. وكم يؤسفني أن ينتقل الرجل إلى رحمة الباري ولا يرى الطبعة الثانية المنقحة للنسخة العربية لكتابه، وطبعة أعمال الأسبوع الثقافي للشيخ أحمد بمب لعام 1977م، (كلتاهما تحت الطبع الآن لدى منشورات تمبكتو) والذي نظمه الاتحاد الثقافي الإسلامي الذي كان يرأسه آنذاك. ونظم الاتحاد لاحقا عدة أسابيع ثقافية لأعلام الإسلام في السنغال؛ وهم بالتوالي: الشيخ عمر الفوتي تال، والحاج مالك سه، والشيخ الحاج عبد الله انياس، والشيخ أحمد الكبير امبي، وكانت سلاسل الأسر ستستمر آنذك لو أن حدثت بعض الدسائس الغربية من بعض الشخصيات الحسودة في الحكومة، فتوقفت الأسابيع الثقافية في منتصف الثمانينيات.
خدم الشيخ أحمد عيان تيام أجيالا متعددة من شيوخ الجيل الماضي والحاضر؛ منهم شيخه الأول بعد والده: الشاعر الكبير، الخليفة الحاج محمد انياس. ومنهم الشيخ الشاعر المربي، أحمد عيان سه الذي أطلق اسمه عليه حين استخرج له جواز سفره الأول للسفر إلى المغرب؛ ولعل كثيرين لا يعرفون بأن اسمه الحقيقي: تيرن امباكي تيام، ومنهم: الشيخ محمد المنتقى تال؛ خليفة الأسرة العمرية سابقا.
وكان حاملا لهم الدعوة إلى الوحدة الإسلامية، وتوحيد البيوتات الدينية في السنغال، ونبذ خطاب التعصب والكراهية.
رحمك الله رحمة واسعة يا جدي.