انطباعات قارئ لكتاب : محطات في حياة يتيم
بقلم الدكتور نجوغو امباكي صمب
كتابة المذكرات أو السير الذاتية تعد من أهم الأعمال الإبداعية التي درج عليها القادة والمفكرون العظام ، حيث يؤرخون لحياتهم ويقصون للناس جوانب من سيرهم قد لا يطلع عليها غيرهم، ويغوصون إلى أعماق أفكارهم وتصوراتهم، ويفسرون ما أبهم من معالم شخصياتهم، كما يقدمون للقراء تفسيراتهم الخاصة للحياة ، وقرائتهم الشخصية للأحداث.
وتزداد أهمية المذكرات والسير الذاتية حين تتعلق بتجارب الناجحين وتضحيات المؤثرين الذين لهم بصمات واضحة على جبين التاريخ، سواء كانوا من الملوك والرؤساء، أو العلماء والدعاة ، أو القادة العسكريين، أو الفلاسفة والأدباء …
وشيخنا الدكتور محمد أحمد لوح -حفظه الله- من العلماء والدعاة الذين من الله بهم على السنغال وأفريقيا جنوب الصحراء، بل والأمة الإسلامية قاطبة، فهو من طبقة ” دوم سخن” الذين ساروا على خطى أسلافهم ونهج آبائهم في الدين والعلم والعمل، وسعوا إلى المجد والعلى بجد واجتهاد، فعركتهم النوائب، وطحنتهم الحوادث، وتحفهم عناية الله من كل جانب .
ومذكرة شيخنا الدكتور محمد أحمد لوح -حفظه الله- التي سماها ب ” محطات في حياة يتيم ” رغم حداثة صدورها، وكون صاحبها من المعاصرين، فإنها تصنف ضمن مذكرات العلماء الكبار والمفكرين العظام ، أمثال السلطان عبد الحميد، والأمير شكيب أرسلان، والإمام حسن البنا رحمهم الله جميعا، فإن كتابه ” المحطات” يضاهيهم من حيث وفرة المعلومات وعمق التجارب وتنوع الموضوعات، وجودة التأليف وحسن الصياغة، ودقة الترتيب.
هذا، وبعد قراءة متأنية لهذه السيرة العطرة ل “سرين ندام” اريد ان اسجل بعض الانطباعات السريعة ، والتي من أهمها ما يلي :
١ – اشتمال الكتاب على أهم مراحل عمر الدكتور محمد أحمد لوح ، مع تفاصيل دقيقة لبعض فصولها ، مليئة بالدروس والعبر والعظات.
٢- تضمنه على أوصاف دقيقة لجغرافية المدن والقرى التي سكنها او سافر إليها لغرض او لآخر.
٣-وعلى نبذ من تاريخ الحركة العلمية الثقافية في مدينة طوبى ، واستعراض لمناهج التعليم في البلاد في ذلك الوقت .
٤-الشهادة على نشأة الحركات الإصلاحية ، والرصد العميق لتطورات مراحل الدعوة الإسلامية في البلاد .
٥ – التحليلات الدقيقة لأعراف القبائل والشعوب في السنغال وغيرها من دول الجوار .
٦ اكتشاف حقيقة الشعب المصري من خلال التعامل المباشر مع خيرة علمائه ودعاته، والتردد خلال مدة وجيزة إلى المعاهد الأزهرية.
٧ – الالتحاق بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، في عصرها الذهبي ، والاستفادة بكبار علماء الإسلام في ذلك الوقت .
٨- ملازمة المسجد النبوي الشريف والاستفادة من حلقاته العلمية المتنوعة.
٩- وضوح الرسالة التي عاش لها وضحى في سبيلها ، وعدم الحيدة عنها بدافع من رغبة او مانع من رهبة .
وفي الختام اعود لأؤكد على أهمية هذه المذكرة الفريدة واحث طلبة العلم والدعاة إلى الله على قرائتها والاستفادة من دروسها وعبرها وعظاتها ، واهنئ شيخي الدكتور محمد لوح بصدور الكتاب ، واسأل الله تعالى أن يمتعه بوافر الصحة والعافية، والحمد لله رب العالمين .
جربل ٢٩ فبراير ٢٠٢٠ م
هل وصلت للمكتبات سيرة الدكتور محمد لوح ؟ وكيف أحصل على نسخة منها لأنني في شوق لقراءتها .
نعم تم وصول الكتاب إلى المكتبات ويمكن الحصول عيه في المكتبات السنغالية
هذا الكتاب شدّني ابتداءا من معرفة الكاتب على حقيقته، كل محطة في حياته دروس وعبر آلام وأحزان وأوجاع، وأجزم أنه سيشدّ كل قارئ كلما قطع فيه مسافة أكبر بعقل متفتح محايد، رحلات عويصة بين فينة وأخرى عبر فيها المؤلف حياته بالكامل بأسلوب مبسط وسلس من أحسن وأغنى الكتب التي بالإمكان قرائتها تجمع بين التجريد والحكي القصصي الروائي الشيء الذي يجعلها تصل إلى ذهن ووجدان القارئ على حد سواء رواية لامناص من وجودها في مكتبة القارئ العربي _ليس بالكثير_ لما لها من الأهمية في اغناء التجربة الفكرية والمعرفية..
بدأت بقراءته كما هو الحال ممن حاز قصب السبق في إكمال قراءته وأبدى إعجابه وانطباعه .. فوجدته يحمل عبارات متوالية بين دفتيه، محطة تلو الأخرى تبدأ بحكايات ذاتية ثم تتشابك بالتدريج مع أحداث غرائبية مكتوبة بسلاسة وحس فكاهي وتجمع بين الواقع والخيال والذكريات.. ومغامرات أخرى كثيرة لا تخلو من الواقعية السحرية.
ولم يستوقفني عندما بدأت قراءة هذا الكتاب ،موضوع عن موضوع، أو حيثية عن حيثية، بل كان لكل نقطة مررت بها وقفات، بعضها مطعونة في الظهر أقصى الطعنات، تجعل القارئ يعيد النظر في كل ما قرأ وتعلم واكتسب من معرفة سبقت، وقد وقعت على الجنان قبل الفكر، لما يمس من شأن مستقر في الوجدان الجمعي، تخدمه معطيات فكرية متفقة في توجهها، راسخة في المجتمعات على اختلافها، فعلى سبيل المثال كان شعوري لا يوصف بعد قراءتي للمحطة “الهجرة الكبرى” حيث أعجبت باليتيم
– الأستاذ الدكتور محمد أحمد لوح- وشخصيته الجادة والحازمة في كل أموره، فقد أخذتني تلك الفقرات إلى عالم بعيد يتراوح بين الشعور بالمرح والتعاطف، ومن ناحية ثانية يُشعرني هذا الكتاب ومحطاته بالشوق إلى الماضي لمعايشة الأحداث وتخيّلها حسب ظروف العصر الذي عاش فيه الشيخ، وأجد في هذا التخيّل متعة كبيرة، بل وأحياناً أحاول التعرف إليه من خلال الأحداث في مسيرته، لأقترب نوعاً ما من الدلالة التاريخية لذلك الزمان المنصرم فهو كتاب يحمل ثروة فكرية قائمة على الحقيقة..
وختاماً: أوصي نفسي وإخواني-طلبة العلم الشرعي- الأخذ بزمام المبادرة لإحداث التغيير، وأعتقد أن هذا الكتاب مع صغر حجمه فإنه يحمل في طياتها دعوة لجميع المهملين والمستضعفين أن يشدوا الأحزمة للوصول إلى المحطة الأخيرة مكللين بالنجاح والفلاح في الدنيا والآخرة..
الجزء الثاني 🔥
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
حفظ الله الدكتور من كيد الكائدين ومكر الماكرين