المغرب وبوركينافاسو علاقة نموذجية للثقة المتبادلة وبرعاية ملكية خاصة
د السعيد عتيق
المبادرة الإنسانية التي قادها جلالة الملك محمد السادس من أجل إطلاق سراح أربعة مواطنين فرنسيين كانوا محتجزين بواغادوغو منذ دجنبر 2023. إثر وساطة جلالته واستجابة فخامة السيد إبراهيم تراوري رئيس جمهورية بوركينا فاسو لطلب جلالته، تؤكد مرة أخرى على متانة العلاقات المتميزة الأخوية التي تربط جلالة الملك بفخامة الرئيس تراوري، والعلاقات التاريخية العريقة القائمة بين المغرب وجمهورية بوركينافاسو، وترسيخها روابط الثقة القوية المتجذرة، وعلاقات صداقة عميقة تنبني على التقدير والاحترام المتبادل تدعم سبل بث دينامية التعاون التنموي في العلاقات الممتازة بين البلدين.
المبادرة الإنسانية التي قادها جلالة الملك تؤكد مرة أخرى على ان العلاقة الثنائية بين المغرب وبوركينا فاسو تعد نموذجا للثقة المتبادلة والتعاون جنوب-جنوب والبين-إفريقي، وما سجلته من تقدم على جميع المستويات في عهد جلالة الملك محمد السادس منذ اعتلائه عرش أسلافه الميامين، فقد حرص جلالته على توثيق علاقات تعاون متعددة ترتكز في المقام الأول على البعد التضامني الإنساني مع الدول الإفريقية الشقيقة، حيث ظل المغرب شريكا موثوقا أساسيا، و داعما رئيسيا لقضايا القارة في مختلف المجالات، وهو ما يجسد حرص جلالته على جعل دول القارة الإفريقية في مختلف الأوضاع والظروف ضمن الأولويات والانشغالات الرئيسية للمغرب، الذي ما فتئ يؤكد بالملموس دوره الفاعل و الدينامي في خدمة قضايا شعوبها، ترسيخا لديمومة التضامن والتكافل في سبيل حل الأزمات التي تواجه القارة
العلاقات الثنائية بين المغرب و وبوركينا فاسو تتعزز باستمرار وبحرص مشترك على التطور الدائم، حيث تشهد انعقاد دورات اللجنة المشتركة المغرب-بوركينا فاسو باعتبارها آلية مهمة لتطوير التعاون بين المغرب وبوركينافاسو، وتعزيز الإطار القانوني لهذا التعاون وتنويع مجالاته وتوسيعها، بما يضمن المضي نحو إرساء شراكة مثمرة في العديد من المجالات، أيضا تشكل فرصة لبحث آفاق جديدة لتعزيز علاقات التعاون بين المغرب وبوركينا فاسو، ومناسبة لإرساء شراكات مثمرة في العديد من المجالات، انسجاما مع رؤية وتوجيهات قائدي البلدين جلالة الملك محمد السادس، والرئيس إبراهيم تراوري.
إن علاقة المغرب بدولة بوركينا فاسو وباقي الدول الإفريقية الشقيقة علاقات أساسها جلالة الملك بحكمة وتبصر وعلى مدار سنوات طويلة من العمل الميداني المعزز بتقديم العديد من المبادرات الاقتصادية والاجتماعية وفي مقدمتها المبادرة الأطلسية التي أطلقها جلالته لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي والتي تعقد عليها بوركينافاسو آمالا كبيرة من أجل التغلب على التحديات المرتبطة بموقعنا القاري، وتأكيدها انخراطها التام في هذه المبادرة المغربية-الافريقية التي عبرت عن دعمها تثمينها بشكل إيجابي كبلد يعاني من عبء الموقع القاري للبلاد
العلاقات الافريقية التي يقودها جلالة الملك تنبني على دينامية المبادرة والفعل الميداني بأبعاده الإنسانية خدمة لتنمية شعوبها، مبادرات ملكية اقتصادية واجتماعية كبيرة تأكد دور المغرب الهام وانفتاحه المستمر على خلق دينامية من التعاون والاقتراح والمبادرة تعزيزا للعلاقات وخلق الاستثمارات وتفكيك الأزمات، كلها تجسد اهتمام وحرص جلالته المتواصل بأن يكون المغرب دائما شريكا في بناء ونماء الدول الإفريقية وفق رؤية استراتيجية اندماجية بعيدة المدى خدمة لتنمية شعوبها، وعليه فقد شكلت بوركينافاسو جزءا من هذا الاهتمام المولوي عبر إقامة علاقات متعددة المناحي تتعزز روابطها بشكل مستمر لفتح آفاق واعدة للتعاون.
وبالعودة إلى دلالات المبادرة الإنسانية التي قادها جلالة الملك وفخامة السيد إبراهيم تراوري رئيس جمهورية بوركينا فاسو، مبادرة ترسخ للدبلوماسية الإنسانية التضامنية كدعامة أساسية وهيكلية في رؤية المغرب، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس، الذي لا يدخر جهدا ولا وسيلة للمساهمة في تفكيك الأزمات بالقارة الافريقية والحرص على ان يكون المغرب وسيط للسلام والامن والاستقرار، وكذا التخفيف من تداعيات الأزمات الإنسانية كيفما كانت وأينما كانت
بفضل جهود جلالة الملك محمد السادس عمل المغرب على تطوير علاقات ثنائية قوية وملموسة مع دول القارة فمنذ سنة 2000، أبرم مع البلدان الإفريقية، حوالي ألف اتفاقية همت مختلف مجالات التعاون، وعلى سبيل المقارنة فما بين سنتي 1956 و1999، تم التوقيع على 515 اتفاقية، في حين أنه منذ سنة 2000 إلى 2017، وصل العدد إلى 949 اتفاقية، أي حوالي الضعف، بالإضافة على العديد من الاتفاقيات بالقطاع الخاص، ومنذ 2018 واصل المغرب توقيع العديد من اتفاقيات التعاون مع الدول الإفريقية الشقيقة في مختلف المجالات، كما صادق على العديد من الاتفاقيات لعل من أبرزها المصادقة في سنة 2022 على 7 معاهدات مع الاتحاد الإفريقي بمقره في أديس أبابا والتي تكتسي طابعا استراتيجيا، بالإضافة الى اتفاقيات تعاون و شراكات غير مسبوقة مع عدد من الوكالات والمؤسسات الافريقية التي تم توقيعها في سنة 2024، من بينها وكالة السنغال الرقمية “Sénégal Numérique ” التي تنشط في مجال تكنولوجيا المعلومات والتنمية الرقمية حيث تبرز المشاركة الفعالة لشركة “السنغال الرقمية” أهمية التعاون بالنسبة للبلاد و القارة الإفريقية برمتها، كل هاته الاتفاقيات تدل بشكل ملموس على واقعية وفعالية التعاون المغربي-الإفريقي
المغرب يحظى برصيد من المصداقية والثقة لدى أشقائه بالدول الافريقية، وليس من قبيل الصدفة أن يكون المغرب ثاني أكبر مستثمر في إفريقيا، كون الشراكة التي أسسها المغرب مع الأشقاء بالدول الافريقية تتوسع وتتنوع باستمرار لتشمل العديد من بلدان القارة كما تمتد في مختلف المجالات ذات قيمة مضافة عالية، ضمنها المالية والتأمين والنقل الجوي والتكنولوجيا الجديدة للإعلام، فضلا عن قطاعات أخرى تمس في العمق التنمية البشرية لشعوب القارة.
محلل سياسي وأستاذ العلوم السياسية
جامعة القاضي عياض مراكشال