
المسلمون الماليون على سبيل الفشل في معركة السياسة:
د. يوسف سماكي
إن مما لا شك فيه أن المسلمين كانوا على وشك النجاح في النضال السياسي بفضل جهود التي بذلها الشيخ والإمام محمود ديكو حفظه الله، منذ وقف أمام الرئيس ألفا عمر كوناري – الرئيس الديموقراطي الأول- ضد بناء كنيسة في تمبوكتو التي تعتبر من أقدم مدن الإسلامية في إفريقيا عامة، وفي مالي خاصة، ووقوفه أمام الحكومة ضد تعديل نظام الأسرة و ودمج التعليم الجنسي في المدارس مما أدى إلى طرد بوبي ميغا من منصبه وانتهى الأمر إلى إنشاء حركة سياسية تدافع عن آراء الإمام المسمى ب(CMAS)مما أتاح لهم الفرصة للخوض في كل المجالات السياسية، وبهذه الحركة تم جمع معارضي الرئيس السابق ابراهيم كيتا تحت حركة – شعار- واحد المسمى ب ( M5)لمقاومته، لإتهامه بالظلم وخيانة المدنيين وانتهى الأمر الإنقلاب عليه وإجباره على الإستقالة بيد الجيش، وأعلن ممثل المسلمين في السياسة والدين إن سحابه وعودته إلى مسجده قبل استقرار الأوضاع السياسية في الدولة، وبقي الحكم تحت تصرفات أناس غير مستحقين، وليس لديهم خبرة مسبقة في الأمر، فخاضوا فيما لا ينفع، ودافعوا عن مصالحهم الشخصية وتم تفريق الجموع وعم الفوضى في الدولة، والإمام في مسجده.
وحال (CMAS) الآن لا يبشر بخير.
لذا فالأسباب التي أدت إلى سقوط هذه الحركة هي:
١- أن الشيخ والإمام محمود ديكو قد أسرع في العودة إلى المسجد، فعودته إليه كان سببا لإسناد الأمر إلى غيره، و من المعلوم أن زمام الأمور كان بيده.
٢- توغل عيسى كوجيم في أمور لا صلة لها بالحركة، وطرده السياسيين الذين لهم الإلمام بأمور السياسة الداخلية والخارجية طردا لا يصدقه العقل السليم، وحبه المناصب العليا، كل هذه كانت والإمام في المسجد.
٣- خدعات الحكومة الانتقالية لفك حركة M5 خوفا من بأسها وتنكيلها.
٤- قول عيسى كوجيم ( ماتM5موتته الحقيقي)(M5 est Mort de sa belle Mort) هذا القول اشتد على الرئساء من طلقة البندقية مما أدى إلى إبعادهم من الحركة شيئا فشيئا.
٥- استقالة بعض وجهاء (CMAS) خوفا من الفتنة كإمام عمر جارى.
٦- زاد الأمر سوءا عندما إجتمع رؤساء الأقاليم على سلب أمانتهم من كوجيم، أوشك حل أن يوجد لو رضي كوجيم لكن ألأسف!.
بعض التوصيات: لعلاج هذه المشكلة:
١- خروج الإمام من صمته كما بدأ في الأسبوع الماضي في بيان موقفه الحالي والمستقبلي في بناء المجتمع، وبخروجه سنعلم كل من يتبعه حق ومن يخالفه في الرأي كما بدأ بيان ذلك.
٢- محاولة إقناع كوجيم عن تأييد الرئيس ونائبه ورئيس مجلس النواب أو طرده من منصبه في CMASطوعا أو كرها لسير الأمور على مجراها الطبيعية.
٣- محاولة إقناع الجهابذة السياسيين الذين طردوا من CMASكرها وتشكيل لجان شعبية بهم باسم M5 أو حركة جديدة.
٤- الإخلاص وزراعة الثقة بين الأمراء والشعب.
ملاحظة:
فإن هذه الاختلافات بين السياسيين في الدولة وعدم التوافق بينهم، أو تمزيق أقوى حركات السياسية يعود نفعها إلى الحكومة، حيث لا تجد أمامها شوكة تمنعها عن تحقيق أغراضها حسنا كان أو سيئا.
أختتم هذه المقالة بقول دكتور محمد جارى حفظه الله رئيس جامعة الإفريقية الفرنسية والعربية حينما سألته عن المسلمين والسياسة قال:
( لقد ترك المسلمون السياسة منذ قرون فإذا أرادوا العودة إليها فعليهم أن يصنعوا لها رجالا لا يعرفون الخيانة ولا الخوف ولهم الكفاءة العلمية، ويبدأ تصنيعهم منذ نعومة اظفارهم.
باحث في قسم التاريخ والحضارة.