Articles

المديرية المكلفة بالشؤون الدينية في قصر رئاسة الجمهوريةواندماج أصحاب الشهادات العربية

الحسن غِي

إن قرار رئيس الجمهورية إنشاء مديرية تهتم بالشؤون الدينية وبإندماج أصحاب الشهادات العربية في الرئاسة الجمهورية أمر تستحسنه أغلبية الشعب السنغالي المتدين.
ويحسن بنا في بداية الحديث أن نطرح أسئلة حول طبيعة هذه المديرية و أهدافها؟ وكذلك وظائفها و صلاحياتها؟

فإنشاء مديرية تهتم بالأمور الدينية في بلد كالسنغال الذي أغلبية سكانه مؤمنون بالله لا يعتبر أمرا غريبا ولامستغربا بل و يدخل في الأمور الطبيعية. وإن علمانية الدولة لا تتنافى مع كونها تهتم بالأمور التي لها صلة بالدين، وخاصة إذا علمنا بأن كل دولة لها مفهومها الخاص بالعلمانية ، لأن هذه الأخيرة مفهوم سياسي مستورد من الغرب، ومرت بمراحل تاريخية متعددة. لذلك من الطبيعي أن يكون للسنغال تفسيره الخاص به ، وكما نعرف جميعا بأن هذا المفهوم – العلمانية- يعتبر نتيجة تاريخية لتحولات تاريخية حدثت في القرون الوسطى في أوروبا وبعدها في النهضة الأوروبية .وإن من المسلم به لدينا جميعا هو أن الدين مطلب فطري واجتماعي ولا يمكن لأي نظام اجتماعي تجاهله، وإن حرية العقيدة والحاجة إليها تلزمان الدولة أن تقوم بحمايتهما والدفاع عنهما. وأعتقد بأن هذه المؤسسة يجب أن تكون محايدة وهذا يعني بأنها لا تكرس اهتماماتها على الديانة الإسلامية فحسب بل تعطي الأهمية لجميع الديانات الأخرى. ومن هنا نفهم بأن هذه المديرية لها مكانتها في الدولة.
أما عن أهداف هذه المديرية، فإنها متعددة ولكننا سنذكر بعضا منها ؛ ومن هذه الاهداف الرعاية والحماية لهذه الأديان الموجودة في التراب الوطني. وهذه الرعاية تشمل الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والأمنية. لأن الدين جزء لا يتجزأ من تشكيلية الدولة السنغالية، وبالتالي من وجهة نظري يجب أن يتمتع بحقوقه كاملة غير منقوصة، وذلك عبر ميزانيات تخصص له وعبر آليات أخرى تضمن له جميع الرعايات الأخرى . ومن هنا ستستطيع هذه الأديان عندئذ أن تؤدي أدوارها كاملة في الحفاظ على الوحدة الوطنية والتضامن الاجتماعي والثقافي للدولة السنغالية.
أما عن وظائفها، منها توفير الحماية لها من التعدي والاعتداء والتطاول عليها سواء كان ذلك من الداخل أو من الخارج، و كذلك حماية حرية العبادة والإيمان لجميع المواطنين، وتوثيق الصلة بين الدولة وهذه الأديان، وتستطيع الدولة أن تستفتيها وتراجعها في بعض المسائل إذا دعت الحاجة إليها، وهذا طبعا لا ينقص من علمانية الدولة شيئًا. لأنه كما سبق أن أشرت إليه إن لكل دولة مفهومها الخاص من العلمانية.
وصلاحيات هذه المديرية لا تمتد إلى التدخل في الشئون الداخلية لهذه الأديان، إلا أن تكون له صلة بالأمن العام حينذاك بإمكانها التدخل ولكن على حد الضرورة.
أما عن الشخصية الذي يجب ان يتولى أمر هذه المديرية، نظرا لحساسية هذا المنصب فإنه من الضروري أن يتمتع بالفقه للأديان وبالفقه للواقع والأولويات، وأن لا يكون طائفيا، ولا شخصية مثيرا للجدل بل ويكون محايدا وملما بتاريخ البلاد وثقافتها وتراثها وعاداتها المختلفة.
في الختام نؤكد بأهمية مثل هذه المديرية وضروريتها كوسيلة بيد الدولة للقيام بواجباتها نحو الأديان وكآلية للتواصل بينها وبين هذه المؤسسات الدينية التي تضم جميع أفراد الشعب السنغالي.

مفتش التعليم الإبتدائي والدارات في مفتشية تيواوون

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى