الدروس المستفادة من انتخابات رئاسة المجالس البلدية في غامبيا
بقلم/ باسيديا درامي
إن الهزيمة النكراء التي مُني بها حزب الشعب الوطني الحاكم في العاصمة بانجول ، وكانفنغ وإقليم الساحل الغربي ، في إحدى أكثر الانتخابات إثارة في البلاد، تطور لا بد من الوقوف عنده من خلال تقصي أسبابها وتداعياتها على المديين القريب والبعيد.
ليس ثمة من شك في أن الحزب الحاكم استمات لتحقيق مكاسب انتخابية في المناطق المذكورة أعلاه ، لأنها تعتبر بمثابة القلب النابض للبلاد ، وخاصة بلدية كانفنغ التي تعتبر من أكثر المناطق السكنية كثافة. في هذا السياق ، اختار حزب الشعب الوطني وزير الشباب والرياضة باكري باجي مرشحاً للحزب ، رجاءً في فوزه باعتبار قاعدته الشعبية ونفوذه السياسي وقدرته على استمالة الشريحة الشبابية لصالح الحزب. بالإضافة إلى ذلك ، رمى رئيس الجمهورية وزعيم حزب الشعب الوطني آدم بارو ، بثقله وراء الحملة الانتخابية لحشد الدعم لمرشحي الحزب ، بمعاونة كبار رجالات الدولة ، بمن فيهم الدبلوماسيون الذين خبروا سياسة البلاد ، مسخرين إمكانيات الدولة مواردها في سبيل تحقيق الفوز. و لم يفوت قادة الحزب أي فرصة للتهجم على عمدتي وكانيفينغ فعمدوا إلى إطلاق حملة شعواء عليهما متهمين إياهما بالتقصير في تطوير البلديتين مما يستوجب استبدالهما بمرشحي حزب الشعب الوطني بعد خمس سنوات على رأس هرم البلديتين.
تأتي الهزيمة في أعقاب أداء متواضع لحزب الشعب الوطني في انتخابات أعضاء المجالس البلدية التي أُجريت مؤخرًا ، والتي شهدت خسارة الحزب في مجلس بلدية كانيفينغ ومجلس منطقة بريكاما. غير أن أنصار الحزب التقدمي سارعوا إلى تبرير الأداء الهزيل الذي ردوه إلى قلة الإقبال بسبب أجواء شهر رمضان وأن الناخبين لم يكونوا على وعي كافٍ بأهمية تلك الانتخابات. وأكد مسؤولو الحزب أنهم تعلموا الدرس ، متعهدين بعدم تكرار الخطأ. وعندما أظهرت نتائج استطلاع للرأي أجرته مؤسسة سبراس، خسارة الحزب في المناطق الرئيسية، دحض أنصار الحزب نتائج الاستطلاع واعتبروها مغايرة للوقائع على الأرض.
من ناحيتهم، عزا المحللون أداء حزب الشعب الوطني الضعيف منذ الانتخابات الرئاسية إلى تصدعات في صفوف الحزب ، إلى جانب الظروف المعيشية الصعبة التي يكابدها الشعب الذي ما انفك يكافح لتحصيل قوت اليوم، بما في ذلك الارتفاع الهائل في أسعار السلع الأساسية والارتفاع الأخير في تكاليف الطاقة وسط التضخم غير المسبوق. ومن ثم وصف المراقبون هذه الانتخابات بأنها استفتاء على مدى شعبية بارو نفسه والقبول الذي يحظى به حزب في أوساط الشعب.
أصبح الناخبون الغامبيون واعين سياسياً مما يجعلهم يختارون مرشحيهم بشكل استراتيجي- يختارون المرشح الذي يعتقدون أنه سيحقق تطلعاتهم وأحلامهم. لقد ولت وخلت تلك الأيام التي كان السياسيون يقدمون فيها الوعود الفارغة ويدغدغون مشاعر الناخبين ثم يديرون عنهم ظهورهم بعد تحقيق المراد.
ينبغي للرئيس وحزبه العودة إلى أنفسهم للوقوف على حقيقة ما حدث وتشخيص ما يحدث منذ الانتخابات الرئاسية في عام 2021 لأنه يبدو أنهم مستاءون من أداء الرئيس. ولتغيير المسار لصالحه، يجب على الزعيم الغامبي إجراء التغييرات اللازمة على مستوى الحكومة والحزب عاجلاً غير آجل.
من الواضح تمامًا أن انتخابات رئاسة المجالس البلدية تؤذن بعهد جديد في السياسة الغامببة والمتمثل بانتهاء الهيمنة المطلقة للحزب الحاكم كما كان الحال في الجمهوريتين الأولى والثانية. كما أن نتيجة هذه الانتخابات تقدم مؤشرات مهمة بشأن الانتخابات الرئاسية المقبلة لعام 2026.