
التخلٌي عن العناد إبقاء للودٌ
د.محمد موسى كمارا
تواصلتُ اليوم مع قريبٍ لي، عزيزٍ عليَّ، وكان التّواصل بالرّسائل، فوقع خلالها من سوء التّفاهم ما كاد يهدم بناء القرابة والمعزّة في طرفة عينٍ، ولمّا رأيت البناء يتهاوى؛ أسرعتُ مباشرةً إلى تغيير أسلوب الحديث وطريقته، وذلك بالاتّصال والحديث بالصّوت؛ حتّى يتبيَّن له أنّ الأمر لم يكن على ما ظنّ وتخيّل، فتمّ ذلك على ما يُرام، وظلّت العلاقة حيث كانت صافيةً من كلّ شوبٍ، بريئةً من كلّ كدرٍ.
جلستُ بعد هذه الحادثة أتأمَّل، فقلت في نفسي لو أنّني اتّخذت العناد سبيلًا، وما أفسحت المجال للإسراع إلى تدارك الوضع، لاتّسع الخرق على الرّاقع، ولتولّى القريب وقد أسف بعضنا على بعضٍ، ثمَّ ينتقل الأمر من التّوهُّم إلى الخلاف، ومن الخلاف إلى الخصومة، ومن الخصومة إلى تهدّم صرح العلاقة تهدُّمًا غير لائقٍ بعلاقةٍ بنتها السّنون بأوثق عرى الصّفاء، والإخلاص، والتّعاون.
وأنا أرى أنَّ أكثر العلاقات إنّما ينفرط عقدها من هذه النّاحية؛ فسوء التّفاهم أمرٌ واردٌ لا مهرب منه بين شخصين جمعهما قضاء الله الذي لا يُردّ، أمّا تصحيح التّفاهم، ورفع الظّلمة عن طريقه؛ ليكون صافيًا جليًّا، فتلك مسؤوليّة المتقاربين بلا استثناء = في الزّواج، وفي الصّداقة، وفي الأخوّة، وحتّى بين الرّئيس والشّعب، ولو أنَّ كلّ ذي علاقة تخلّى عن العناد، وتحلّى بالتّواضع، ونبذ الكبر والعجرفة، لدامت العلاقات على أحسن وجوهها وأروعها، ولما انقطع منها إلّا ما كتب عليها الانقطاع في صحيفة القدر، وهو الفراق بالرّحيل المحتّم على كلّ حيٍّ يتنفّس.
كاتب وباحث من غينيا