Articles

الانتخابات الرئاسية والتشريعية في السنغال : النضج السياسي ووعي الجيل الجديد مصدر فخر واعتزاز

بروفيسور غالاي انجاي بروكسيل

بمناسبة يوم انعقاد الانتخابات التشريعة الأحد 17 نوفمبر 2024م قمت بتدوين هذه السطور العابرة والنابعة من صميم قلبي، هي سطور تعبر عما غمر فؤادي من ابتهاج وسرور لهذا النضج السياسي الذي أظهره هذا الجيل الجديد، إننا نعيش قطيعة سياسية نوعية غير مسبوقة في تاريخنا السياسي الحديث. بعبارة أخرى إن الشعب السنغالي يعيش تغيرا بارادغميا في الرؤية السياسية وفي المنهج لمقاربة وإدارة الدولة في كل أجهزتها.

أعتز بأني سنغالي، أعتز بأني أفريقي، أعتز بأني مواطن عالمي،
أعتز بأني سنغالي، من سُكَّان الجَاسْبُورَا، قلبي يَنبضُ ويَرتعِشُ إن سوءًا لامس السنغال أو بلية اعترتها.

انا أعتز بأني سنغالي، حظي أني شاركت بكل ما أوتيتُ من قوة وعلم وثقافة في تحرير السِّنغال من ربقة السِّيستم وأوغاده، الذين بَاعُوا الدِّينَ والوطن .
أعتز بأني سنغالي، الآن ، ثُمَّ الآن فقط قد أَفْصَحَ الصُّبحُ لكل ذِي عَينَينِ وألقى السَّمعَ وهو شهيد، ولو هو مع ذلك ألقى معاذيره، إنَّ الشعب السِّنغالي شعبُ لا كالشُّعوب، شعبٌ أبِيٌّ تَحَلَّى بالوعي السياسي، وأبرز للجيل الجديد كرامة سامقة في النضج والكفاءة.
أعتز بأني سنغالي، وشعبي شجاع لا يعرف للجُبن سبيلا، شعبٌ قادر على حَلِّ مشاكله، وتجاوز مُعضلاته دون أن يَكْسِرَ زُجاجةً إلا إذا اضطرَّ ودُفِعَ إلى ذلك دَفْعًا. (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ) [سورة البقرة، الآية: 173].
أعتز بأني سنغالي، أَسْهَمْتُ قدر استطاعتي في تلقين العالم درسًا راقيا في المقاومة والعملية السياسية وفي الديمقراطية الحية النبيلة.
أعتز بأني سنغالي، عَمِلتُ على إخراج شعبي من عُنُقِ الزجاجة ولم أَكْسِرْ زُجَاجة ، وتعاركت مع الدَّجَاجِلَةِ دون مَلالَة ، ولم أُبْدِ تَغطرسًا ولا عنجهية وأحرى جَلالة.
أعتز بأني سنغالي، نجحنا – نحن شباب جُلُوفْ – في ردم شرذمة السِّيستم وأذياله في فرنسا ، ولدى الإعلام المضلل، فمن الآن فصاعدا سَيَظَلُّ في خَبَرِ كانَ جُثَّةً هامِدةً ولو ابْتَلَعَ البَلْسَم واستعمل الطَّلْسَم.
أعتز بأني سنغالي، لم يبق لِحفَّاري القُبُور، ولا لأغوال الإعلام، ولا لمأجوري القلم والضَّمير، بل ولا لمرتزقي وبلطجة المجتمع المدني إلا وَصُدَاعُ السِّجن يعتري جُمجُمَهُمْ ويَقُضُّ مَضْجَعَهُمْ.
أعتز بأني سنغالي، نعم إنَّ دمي وَقْفٌ لَكِ يا سنغال، وكذاك رُوحي فداء لَكِ يا سنغال، حياتي تَصْفُو ببقائك وأنتِ ستظلين مُكرَّمةً ومُعزَّزةً مدى الأحقاب والدهور، ومَمَاتِي لا أَرْتَابُ في أنها سَتَكُونُ راحةً لِجُثماني وجَنَّةَ نَعِيمٍ.
أعتز بأني سنغالي، فإن زار بيتي هادمُ اللذاتِ ولو بعد سُويعة من هذه السطور سأرتحل إلى الملأ الأعلى مطمئنا ولا أبالي بعد يقين انتاب قلبي أني قد أَبْلَيْتُ بلاءً حسنًا من أجلي بلدي وبني جلدتي.


أعتز بأني سنغالي، وأَحْمَدُ ربِّي عليه جلَّ جَلالهُ، وأُصَلِّي على المصطفى جلَّ قَدرهُ وعلى آله حَقَّ قدره أنِّي عِشتُ في هذا القرنِ ولم أَعِشْ قَبْلَهُ ولا بَعْدَهُ، أَدْرَكْتُ الثورةَ وكابدتُ عَنَاءهَا ومرارتها ، وكنتُ لها شاهدُ عيانٍ، فإنْ فَاتَنِي بَدرٌ وأحدٌ والأحزابُ وخندقٌ وخيبرٌ وتبوك، بل والمواقع كلها، فإنَّ حَظِّي كان في معركة باستيف، حزبِ الحقِّ والتَّضحيةِ.
أعتز بأني سنغالي، يا تُربة «التِيرَانْعَا» قد منحتكِ دمي وروحي من غير مُساومة، وبِكِ فخري وفيكِ أُوَارَى وعليك مبعثي يوم يَشِيبُ الولدان وتَطَايُر الصُّحف.
أعتز بأني سنغالي، وأني من أبناء الدَّارات، وإلى «مُودَاب» أنتسب وفي ذلك لا أخاف لومة لائم ولا غيظ ذي حسد، وإني مع ابن كازامانس سيدنا، أعني عثمان سونكو، المنعوت بـ «مُوسَلْمِ» قد أبرمتُ عقدا لترتيب البيت وإصلاح ما أفسدته عصابة السيستم، رويدكم أهل البغي والطغيان لن تروا مدى الدهر أنا قد نقضنا العهد أو نبذنا الميثاق. (نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَٰهًا ۖ لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا) [سورة الكهف، الآية: 13-14].

خادم البلد ومدير معهد المحراب – بروكسل بلجيكا، محمد غالاي أنجاي الدرادئي الخليلي.
يوم الأحد 17 نوفمبر 2024م.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى