أفريقيا… عندما تصبح النعمة نقمة
كتبت – صفاء عيد
وأنا أكتب مقالي الأول عن أفريقيا وتحديدا منطقة الساحل والصحراء وغرب القارة، أشعر بغصة تنتابني كلما قرأت خبرا أو اطلعت على معلومة عنها وأقف عاجزة عن صوغ الكلمات، كصحفية سورية عاصرتُ حربا وإرهابا دمويا في بلادي لست مدللة أو غير معتادة على المآسي فقد عملت وجها لوجه مع البؤس بكل أشكاله، أشلاء قتلى، دماء، انفجارات هنا وهناك، أطفال مشردين، وتطول قائمة مآسي الحرب السورية ومع ذلك يحزنني المشهد الأفريقي بكل معطياته…
اليوم وأنا أتابع أخبار القارة العذراء – وأكره تسميتها بالسمراء – تطل من رأسي عشرات الـ لماذا؟
كيف يمكن لسلة غذاء العالم أن تكون جائعة؟
وكيف يمكن لمنجم الذهب والماس والمعادن النادرة أن تكون فقيرة؟
وكيف يمكن لبحيرات النفط التي تطفو عليها القارة أن تكون بلا كهرباء وبلا وقود؟
كيف يمكن لجل أحلام شبابها الفتي، الهجرة حتى لو غرقت تلك الأحلام في قوارب الموت في عرض البحر؟
بعيدا عن العواطف وبلغة الأرقام تتمتع القارة الأفريقية بثروات طبيعية وموارد ضخمة حيث تشير التقديرات إلى أن 30٪ من الموارد المعدنية المستخرجة من الأرض موجودة في القارة الأفريقية.
وتعد أكبر القارات التي تضم دولا منتجة للنفط حيث يوجد بها قرابة 21 دولة منتجة للنفط وتنتج القارة الأفريقية في الوقت الراهن نحو 11 % من النفط العالمي بما يعادل حوالي 80 إلى 100 مليار برميل من النفط الخام وتضمّ حوالي 10% من احتياطي النفط العالمي المثبت.
كما تعتبر منجماً ضخماً ينتج قرابة 80% من بلاتين العالم، وأكثر من 40% من ألماس العالم، و 20% من ذهبها, وكذلك الأمر من الكوبالت.
أما عن كونها سلة غذاء العالم فلدى القارة الإفريقية حوالي 930 مليون هكتار من الأراضي المناسبة للإنتاج الزراعي.
وبالنسبة للثروة الحيوانية تعتبر القارة غنية جدا بالثروة الحيوانية وركيزة داعمة لسبل العيش في المناطق الريفية عبر أفريقيا، وهي بالتالي تتمتع بأهمية استراتيجية لتوفير الأمن الغذائي، حيث يسهم قطاع الثروة الحيوانية بنحو يتراوح بين 30 و80% من الناتج المحلي الإجمالي.
أما تنوع مناخها بشكل كبير يجعلها قبلة سياحية في كثير من الأحيان ويرفع من فرص الاستثمارات فيها، ويجعلها سوق استهلاكية لمنتجات متعددة.
على مستوى الجغرافيا تعتبر إفريقيا أكثر القارات تحديداً، وتقع في قلب العالم القديم، وتربط بين قاراته، كما أنها تحوى داخل أراضيها أهم الممرات البحرية والمضائق مثل؛ (جبل طارق- مضيق باب المندب- قناة السويس) وهو ما يجعلها محط أنظار العالم.
لكن الثروة الأهم تكمن في الشباب حيث يبلغ عدد سكانها حوالي 1.4 بليون نسمة تبلغ نسبة الشباب نحو 60 %
وتنفرد القارة الشابة عن كل قارات العالم بنسبة 40% من تعداد الشباب من عمر 18 حتى 25 عام.
نحن إذاً أمام كنوز لا تقدر بثمن لكن هذه الكنوز والنعم شكلت نقمة على أهلها حيث اجتذبت رائحة النفط النفاذة أطماع اللاعبين الدوليين فيها، وأعمى بريق ذهبها وماسها قلوب المتآمرين، وسال لعاب الدول الاستعمارية على ثرواتها وكنوزها لتنشر فيها أذرع الإرهاب والفكر المتطرف ليقتات على دماء أبنائها.
وبلغة الأرقام أيضا نبرز للأسف النقم…
-حوالي 224 مليون نسمة بالقارة يعانون من نقص وسوء التغذية فضلا عن وجود فجوة غذائية تقدر بنحو 50 مليار دولار سنويا.
-أكثر من نصف الأراضي الصالحة للزراعة غير مستغلة ولا يزال يتعذر الوصول إليها نسبياً بسبب الطرق و البنية التحتية الهشة والتحديات المادية والسياسية الصعبة.
وفي تقرير صدر حديثا لمؤسسة “ماعت” للسلام والتنمية وحقوق الإنسان قال استقبلت القارة الأفريقية العام الجديد بواقع 66 هجوماً دموياً أسفر عن سقوط 642 قتيلاً و96 جريحاً، ناهيك عن تشريد ونزوح المئات وخطف واعتقال العشرات، وذلك في 15 دولة أفريقية مختلفة. وكان إقليم شرق أفريقيا هو الأكثر دموية خلال هذا الشهر حيث وقع فيه حوالي 368 ضحية بما نسبته 57.2% من إجمالي الضحايا لهذا الشهر، فيما جاءت السودان في مقدمة الدول من حيث أعداد الضحايا؛ والتي وقع فيها 207 ضحية، كما جاءت الصومال على رأس الدول من حيث أعداد الهجمات الإرهابية والتي شهدت خلال هذا الشهر 12 هجوماً إرهابياً.
خلال شهر أكتوبر الماضي لوحده فقط سجلت إفريقيا مقتل 559 شخصا نتيجة اضطرابات داخلية وأعمال إرهاب كانت النسبة الأكبر منهم في شرق القارة.
وقالت المؤسسة إن منطقة شرق إفريقيا شهدت سقوط أكبر عدد من القتلى في القارة، وجاءت منطقة غرب القارة الإفريقية في المرتبة الثانية، نظرا للهجمات المتتابعة لتنظيمي داعش وبوكو حرام الإرهابيين، بينما اعتبرت منطقة شمال إفريقيا الأكثر هدوءا.
وسلط التقرير الضوء على تفاقم الوضع في إثيوبيا، محذرا من تداعياته على المستوى الداخلي والإقليمي، وأشار إلى سقوط عشرات القتلى ضمن حالة الاقتتال الداخلي التي لا تزال مستمرة.
وأضاف التقرير أن الخلافات العرقية تسببت في سقوط ما يزيد عن 290 شخص في عدة دول أفريقية هذا الشهر.
وبحسب نشرة “مؤشر الإرهاب العالمي” التي نشرت في نوفمبر/ تشرين الثاني لعام 2020 نقل تنظيم الدولة الإسلامية “مركز ثقله” من منطقة الشرق الأوسط إلى القارة الأفريقية وإلى جنوب القارة الآسيوية بدرجة أقل، حيث شهدت منطقة الساحل زيادة في أعمال القتل بنسبة 67 في المئة مقارنة بالعام الفائت.
وجاء في النشرة “إن نمو الجماعات المرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية في منطقة الساحل أدى إلى تصاعد وتيرة الأعمال الإرهابية في العديد من بلدان المنطقة” وتقع سبع دول من الدول العشر التي شهدت تصاعدا في الأعمال الإرهابية في جنوب الصحراء الكبرى وهي بوركينا فاسو وموزمبيق وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومالي والنيجر والكاميرون واثيوبيا.
ولفتت النشرة الى أنه في عام 2019 شهدت دول جنوب الصحراء الكبرى أكبر زيادة في عمليات القتل التي تنسب للجماعات المرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية داعش والتي بلغ مجموعها 982 حالة قتل وهو ما يمثل 41 في المئة من إجمالي أعمال القتل.
- أما أزمة كورونا التي انتشرت عالميا فانضمت إلى قائمة الأوبئة التي فتكت بالقارة الأفريقية وفي إحصائية أخيرة صادرة اليوم 15 نوفمبر عن المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها أكدت بلوغ إجمالي الإصابات بفيروس كورونا المستجد في القارة الأفريقية 8 ملايين و625 ألف إصابة و220 ألفا و300 وفاة بينما تعافى 7 ملايين و959 ألف شخص.
كل ما سبق إضافة إلى حمى الانقلابات العسكرية والأوضاع السياسية الغير مستقرة، يجعل تسابق اللاعبين الدوليين إلى القارة الفتية محموما، لكل منه مصالحه وأبعد من ذلك مطامعه، لكن الأمل يبقى معقودا على أبنائها ولا بد أن يدركوا أن الحل بأيديهم ولا يمكن أن يأتي من الخارج فلا يغير الله بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ولا بد لليل الظلم أن ينتهي فالقارة بشبابها وشيبها تستحق حياة أفضل وعيشا أكرم.
للأسف إثيوبيا أرادت أن تنهض بسدها العملاق تكالبت عليها الأمم….فجميع الدول الإفريقية محاصرة بالصديق قبل العدو …
مقال شيق ، ومما شدّ انتباهي العدد الهائل من القرأء حيث قارب الستة آلاف في يومين ! هل هاذا راجع إلى جمال صورة الكاتبة ؟
لو كان شخص آخر صاحب المقال ، هل كان يعرف نفس الإقبال ؟
هذه بعض التسائلات التى دارت في خواطري و أردت أن اتقاسمها معكم لمعرفة دور الصورة الجذابة في الاشهار ومدى تأثيرها على المتلقي …
أجمل كاتبة رأيتها في حياتي… جمال العقل والمظهر