
أشتاق لتلك الأيام!!
د.محمد موسى كامارا
أشتاق إلى تلك الأيَّام التي كنت فيها فتًى صغيرًا غضَّ الإهاب، والهمَّة تثور في نفسي، والطّموح يعصف برأسي، فأستخفّ الأثقال في الطّلب، وأقهر نفسي على الجدِّ، وأستطيب في سبيل العلم التَّعب والنَّصَب، وكنت أفتح (الكتاب العربيَّ) وأكثرُه أمامي ألغازٌ عصيَّةٌ على الفهم، وطلاسمُ محيِّرةٌ تحتاج إلى الفكِّ والتّحليل، وما كان لي مرادٌ إلَّا أن أفهم تلك الألغاز والطَّلاسم، ولم يكن لي هوًى ولا أملٌ سوى أنْ ينطلق لساني في هذه العربيَّة التي يتحدَّثها والدي – رحمه الله – بليغًا فصيحًا، والتي يدرّس بها في المعاهد الثّانويَّة، ويقصده النَّاس من أجلها في حلقات اللُّغة والأدب والتّفسير، والتي يكتب بها إلى أصحابه من العلماء والأعيان، والتي يُعدُّ هو من أعلامها البارزين في بلدنا.
ما أعظم تلك الأيَّام، وما أشدَّ الحنين إليها! أفيحنُّ الإنسان في أيّامه اليسيرة إلى أيَّامٍ من حياته كانت محفوفةً بالعُسر والشّدّة؟ لعلّ المنطق إذا رفض ذلك وأباه، فإنَّ عاطفة القلب المطبوع على الشّوق تقبله وترضاه، وأنا اليوم في شوقٍ عارمٍ إلى ذلك العهد السّحيق الذي كنت أعيش فيه خاليًا من زاد اللّسان العربيّ، فكنتُ إذا فتحتُ كتابًا فوق مستواي العلميّ، وكنت أمتحن نفسي بالقراءة في مثله، استوقفتني في الصّفحة الواحدة كلماتٌ وكلماتٌ، فأسير في قراءتي مثل الأعرج الذي ضربه الكللُ عن المشي السّريع، ولم يكن لي رفيقٌ يتحمَّل عنّي أعباء ذلك السّير المتمايل غير (معجم الطّلّاب) الصّغير، ولم أكن أملك هاتفًا فأبحث في معجمه، ولا موقعًا أحثُّ إليه الخطى ضاربًا بالأنامل على لوحة المفاتيح؛ لأحظى بما أريد فهمه من الألفاظ المستعصية على عقلي، فكان عليّ واجبًا أن أتريّت، ولازمًا أن أتمهَّل، ومفروضًا أن أجمع ذهني باحثًا في المعجم عن معاني الكلمات، فإذا عثرت عليها في مظانّها، وفزتُ بفهم معانيها، شعرتُ كمن عثر على كنزٍ دفينٍ أطبق عليه الظّمأ في طلبه إطباقًا رابيًا شديدًا، فخلا له الماء الزُّلال بعد حيازة المطلوب.
أشتاق إلى تلك الأيَّام التي لم يكن محصول القراءة في أحدها غير بضع صفحات، ولكنَّها كانت قراءة هادئةً، مستوعبةً، نافعةً، مؤثِّرةً تأثيرًا بارزًا على القلم واللّسان، وعلى الرُّوح والعقل، وعلى الذّوق والشّعور! فليتها تعود وإن لم تلبث إلَّا ساعةً من النَّهار، لولا أنَّ الشّاعر ينبري أمام مُنيَتي هذه قائلًا:
أيُقضى لنفسٍ غالها الشَّوقُ حاجةٌ
ويسمحُ دهــــرٌ بالوصــال ضنيــنُ
فتـــــرجــــع أيَّــامٌ مضيــْنَ كأنَّمــــا
يُعـاوِدُني من ذكــــــرهنَّ جنـــونُ
It is for this reason that many practitioners may be more willing to tolerate mild to moderate elevations of systolic pressures than of diastolic pressures, all other things being equal, in a person who has no other risk factors for cardiovascular disease generic cialis 20mg