
أزمة النيجر: اختبار حقيقي للدبلوماسي الغامبي الدكتور عمر توري!
باسيديا درامي
الدكتور عمر توري موظف غامبي دولي متمرس ودبلوماسي محنك وأكاديمي بارز ذاع صيته وانتشر خبره مؤخرًا بسبب المقعد الساخن الذي يتبوأه بصفته رئيساً للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (الإيكواس)، التي دخلت في مناورات مع المجلس العسكري النيجري الذي أطاح مؤخرًا بحكومة محمد بازوم في انقلاب عسكري في 26 يوليو.
من هو الدكتور عمر توري؟
ولد الدكتور توري في غامبيا عام 1965، وحصل على درجة البكالوريوس (الأدب واللغويات) من جامعة عين شمس في مصر عام 1987، والدكتوراه في العلاقات الدولية من معهد الدراسات الدولية العليا في جنيف عام 1994. كما درس المالية والتمويل الإسلامي في كلية آي إي للأعمال في مدريد. يتحدث الدكتور توري لغات متعددة، بما فيها العربية والإنجليزية والفرنسية، بالإضافة إلى لغاتنا القومية.
الدكتور توري دبلوماسي غامبي يتمتع بخبرة مهنية واسعة، حيث عمل في الأمم المتحدة في مناصب مختلفة قبل تعيينه من قبل حكومة يحيى جامي للعمل في وزارة الخارجية الغامبية. سرعان ما ترقى في الرتب، حيث أصبح السكرتير الأول لسفارة غامبيا لدى بلجيكا والبعثة الدائمة لدى الاتحاد الأوروبي ومنظمة التجارة العالمية في وقت لاحق من عام 1995. وفي منتصف عام 1996، أصبح مستشاراً في السفارة نفسها، وبقي في هذا المنصب حتى أبريل 2002. كما شغل توري منصب سفير غامبيا وممثلها الدائم لدى الاتحاد الأفريقي وسفيرها لدى إثيوبيا في عام 2002، مع اعتماده في نفس الوقت كمفوض سام لدى جنوب إفريقيا وكينيا. وكان الممثل الدائم المعين لدى الأمم المتحدة في نيويورك قبل تعيينه وزيرا للخارجية في عام 2008. عمل الدكتور توري في البنك الإسلامي للتنمية في جدة بالمملكة العربية السعودية منذ عام 2012 قبل تعيينه رئيسًا لمفوضية المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في 3 يوليو 2022، للعمل لمدة أربع سنوات.
بالونة اختبار!
تزامن تعيين توري في أعلى منصب في الإيكواس مع تصاعد وتيرة الانقلابات العسكرية في منطقة غرب إفريقيا المضطربة، وآخرها الانقلاب العسكري في النيجر. إثر الاستيلاء العسكري على مقاليد السلطة في ذلك البلد في 26 يوليو، عقدت الإيكواس قمة طارئة قرر خلالها قادة التجمع الإقليمي فرض عقوبات قاسية رادعة على النيجر، وأصدروا إنذارًا مدته سبعة أيام لاستعادة بازوم رئيساً، وهددوا باللجوء إلى عمل عسكري، في حالة عدم امتثال الطغمة العسكرية لمطالبها، وذلك في بيان تلاه الدكتور توري في ختام القمة في العاصمة النيجيرية أبوجا.
غير أن معظم شعوب غرب إفريقيا ليس لديهم شهية لاستخدام القوة العسكرية، بحجة أنه يمكن أن يتحول الهجوم العسكري إلى صراع إقليمي لا يبقي ولا يذر، لاسيما وأن النظم العسكرية في بوركينا فاسو ومالي وغينيا أعربت علانية عن دعمها للمجلس العسكري في النيجر، وأصدرت البلدان الثلاثة بيانا مشتركا جاء فيه أن أي عمل عسكري ضد النيجر سيعتبر أيضا إعلان حرب عليها. كما يجادل البعض أن المنظمة الإقليمية تكيل بمكيالين، حيث تغض الطرف عن القادة الذين يتلاعبون بدساتيرهم للبقاء في السلطة رغم أنف شعوبهم، بينما تتخذ مواقف مشددة مع أولئك الذين يستولون على السلطة في الانقلابات.
انحسر الحماس الأولي للحرب بشكل متزايد حيث عبر مجلس الشيوخ النيجيري عن معارضته للحرب، فضلاً عن دول إقليمية أخرى وعلى الرغم من أن قادة الإيكواس العسكريين اجتمعوا مؤخرًا في أكرا، غانا، لتقييم التدخل العسكري، يبدو أن التجمع الإقليمي في حيرة من أمره بشأن إقناع المجلس العسكري النيجيري بالتنحي وسط معارضة شعبية واسعة ضد اللجوء إلى الخيار العسكري. وفي حين أن الإيكواس ما فتئت تهدد باستخدام القوة لإرغام الطغمة العسكرية في النيجر للرضوخ لمطالبها، إلا أنها مازالت منخرطة في الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تلافي الحرب. وفي الوقت نفسه، فإن تلكؤ الإيكواس وعدم اتخاذ إجراءات رادعة يمكن أن يعزز التصور بأنها دمية ونعامة، مما قد يؤجج نار الانقلابات في أماكن أخرى.
عموما، يبدو أن إرث الدكتور توري يتوقف على قدرته على استخدام حنكته الدبلوماسية لحل كابوس النيجر المستعصي!