محمد مصطفى جالو

لا شك أن العنوان قد يثير الاستغراب؛ لكون الإنسان مفطورا بحب الحرية وبغض العبودية التي تقيد حقوقه التي منحها له فاطره؛ ولأن المستعرب جمع إلى ذلك معرفة النصوص التي تؤكد على كون الحرية مقصدا من مقاصد الشريعة الأساسية، ولأن السياسة ليست كائنا حيا يمكنه قتال المستعربين حتى إذا غلبهم جعلهم عبيدا له، إذًا فكيف استعبدت السياسة بعض المستعربين؟!.
استعبدتهم السياسية حين دخلوها تاركين وراء ظهورهم ما تعلموه من دين يمنع الكذب والغش، والتعصب المطلق لشخص معين أو حزب محدد، استعبدتهم السياسة حين دخلوها تاركين القيم التي ربوا عليها من الصدع بالحق ونصرة المظلوم والوقوف معه، استعبدتهم السياسة لما أصبحوا مستعدين للدفاع عن الباطل ما دام أن ذلك لصالح الحزب السياسي الذي ينتمون إليه، استعبدتهم السياسية حين رموا القواعد الشرعية التي تعلموها كقاعدة: اليقين لا يزول بالشك، وأخذوا القاعدة السياسية الخبيثة: الغاية تبرر الوسيلة.
إذا كان دخول المستعرب والمتدين عالم السياسة يفضي به إلى الانصهار في السياسة الميكيافيلية، وترك ما تعلمه من الدين والمبادئ التي رُبي عليها فإن الواجب عليه العمل بقاعدة” من السياسة ترك السياسة”، لأن دخوله في السياسة يفسد عليه دينه وخلقه، والقاعدة” درء المفاسد مقدم على جلب المصالح”.
فالحزب الذي لا ينبغي أن يتنازل عنه المستعرب قيد أنملة هو دينه وما تعلمه من مبادئ إسلامية رفيعة وقيم سامية، وهذا الذي يجب أن ينافح عنه ويموت دونه، أما ما عدا ذلك من أحزاب سياسية مؤسسة على الغش والخداع والمصالح الشخصية، فإن دفاعه عنها مطلقا عبودية خفية يجب الترفع عنها.