مساجد مكية …وأحداث تاريخية ” مسجد نمرة”
أحمد صالح حلبي
حينما اردت الكتابة عن مساجد مكة المكرمة التاريخية وتدوين الأحداث التي مرت بها ، وجدت أن الحديث لن يكون عن تلك المساجد الواقعة داخل حرم مكة المكرمة ، فهناك مساجد أخرى خارج حرمها كان لها دور بارز في السيرة النبوية ، ولازالت مقصد الحجاج والمعتمرين كل عام ، ومنها مساجد المشاعر المقدسة بعرفات ، ومزدلفة ، ومنى ، ومن بين هذه المساجد ” مسجد نمرة ” الواقع في عرفات من جهة وادي عرنة ، وله العديد من الأسماء منها ” مسجد إبراهيم الخليل ، ومسجد عرفة ، ومسجد عرنة ” ، وقد بني المسجد في المكان اذلي خطب فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، خطبته الشهيرة في حجة الوداع ، وصلى في الظهر والعصر جمعاً وقصراً يوم عرفة في حجة الوداع ،
وشهد المسجد أول اهتمام معماري له في منتصف القرن الثاني الهجري ، أوائل عصر الخلافة العباسية ، بعد أن وجد الخليفة العباسي أن الحاجة تستدعي وجود مسجد يقي الحجاج من حرارة الشمس الحارقة ، ويكون مكاناً لخطبة عرفات، فتم أول بناء للمسجد نمرة، وبني ببطن وادي عرنة ، وعمره الجواد الأصفهاني عام 559 هـ، كما أجريت له عمارتان في العصر المملوكي الأولى بأمر الملك المظفر سيف الدين قطز عام 843 هـ والثانية بأمر السلطان قايتباي عام 884 هـ ، كما جددت عمارته في العهد العثماني في عام 1272 هـ.
وفي العهد السعودي شهد المسجد أكبر توسعة له ، فأصبح طوله من الشرق إلى الغرب 340 متر ، وعرضه من الشمال إلى الجنوب 240 متر، فيما بلغت مساحته أكثر من 110 آلاف متر مربع، وأوجدت خلفه مساحة مظللة تقدر مساحتها بحوالي 8000 متر مربع ، وللمسجد ست مآذن ارتفاع كل منها 60 مترا، وله ثلاث قباب وعشرة مداخل رئيسية تحتوي على 64 باب، وفيه غرفة للإذاعة الخارجية مجهزة لنقل الخطبة وصلاتي الظهر والعصر ليوم عرفة مباشرة بواسطة الأقمار الصناعية.
ويعتبر مسجد نمرة بعد التوسعة السعودية له ، ثاني أكبر مسجد مساحةً بمنطقة مكة المكرمة بعد المسجد الحرام، إذ يستوعب بعد نحو 400 ألف مصل ، ويعتبر مسجد نمرة علامة فارقة في جبين مشعر عرفات، حيث يمكن الاستدلال عليه من كل أطراف عرفات .
ahmad.s.a@hotmail.com