Articles

الحشدالكبيرللوطنيين: ضرورة سياسية، لا ترف حزبي..

بقلم: عبد الأحد الكجوري (Al Kadiory)

إنّ أي قراءة متأنية للواقع السياسي الراهن تُظهر بوضوح أنّ التجمع الذي دعا إليه رئيس الحزب عثمان سونكو ليس مجرد لقاء شكلي أو استعراض حزبي، كما يُحاول البعض تصويره، بل هو خطوة ضرورية ذات بعد سياسي ووطني بامتياز، تستجيب لحاجة موضوعية في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ السنغال.

أولًا، من الناحية العلمية والسياسية، لا يمكن فصل العمل الحكومي عن الحراك السياسي الذي أنجب تلك الحكومة. فالأحزاب الحاكمة في النظم الديمقراطية الحديثة لا تتوقف عن التواصل مع قواعدها بعد الوصول إلى السلطة، بل تعتبر ذلك وسيلة للتعبئة الشعبية وضمان التوازن بين الشرعية الانتخابية والشرعية التشاركية. فالتجمعات السياسية ليست مضيعة للوقت، بل أدوات لتقوية الصلة بين القيادة وقواعدها، ولفتح نقاش وطني حول أولويات المرحلة.

ثانيًا، إن القول بأن البلاد تمر بأزمة اقتصادية هو حقيقة لا تُنكر، لكنّ مواجهة الأزمات لا تكون بعزل الشعب عن الفعل السياسي، بل بإشراكه في صياغة الرؤية الإصلاحية. فالمسائل الاقتصادية الكبرى لا تُحلّ في المكاتب المغلقة، بل عبر نقاش وطني حرّ يدمج كل القوى الحية في عملية البناء. ومن هنا تأتي أهمية هذا التجمع الذي يرمي إلى بلورة مشروع وطني متكامل، وتعبئة جماعية حول برنامج التغيير والإصلاح.

ثالثًا، من الخطأ العلمي والمنهجي أن يُفهم كون سونكو “في السلطة” على أنه مدعاة للصمت الحزبي أو الكفّ عن الفعل السياسي. فالتجارب الديمقراطية المقارنة تُثبت أن الحدّ الفاصل بين الحكومة والحزب ليس جدارًا، بل جسر تواصلٍ متين، يضمن استمرارية المشروع السياسي ويمنع تحوّل الدولة إلى بيروقراطية بلا روح.

أما الحديث عن “الاجتماعات الفلكلورية”، فهو تبسيط مخلّ لطبيعة الفعل السياسي؛ لأنّ الاجتماع الجماهيري في جوهره فعل رمزي يعبّر عن وحدة الصف الوطني واستمرارية المشروع النهضوي. فالسياسة ليست إدارة أزمات فحسب، بل هي أيضًا صناعة أملٍ جماعيّ يلتف حوله المواطنون.

إنّ التجمع الذي دعا إليه عثمان سونكو هو تأكيد للشرعية الشعبية والسياسية، وتذكير بأنّ التحوّل الديمقراطي لا يكتمل إلا حين يظلّ القائد على صلةٍ مباشرة بشعبه، يسمع منه قبل أن يُسمِعه، ويستمدّ منه القوة قبل أن يوجّهها.

وعليه، فإنّ هذا اللقاء ليس مظهرًا استعراضيًا، بل محطة تأسيسية لإعادة تعريف العلاقة بين الدولة والمجتمع في السنغال الجديدة، ولتجديد العهد بين الفعل السياسي والمشروع الوطني الذي انتخب الشعب من أجله قادته.

عبد الأحد الكجوري (Al Kadiory)
رئيس اللجنة العلمية لحركة دومو دارا الوطنيون – موداب، متخصص في التاريخ والحضارة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫8 تعليقات

  1. 🔢 spin the wheel — Paste options, press spin, and get a fair random pick in seconds. Features: no-duplicate mode, history log, weight control, custom colors/sounds, and a shareable link so everyone can watch live. Great for raffles, icebreakers, choosing speakers, or quick team decisions on any device.

  2. Its like you read my mind You appear to know a lot about this like you wrote the book in it or something I think that you could do with some pics to drive the message home a little bit but instead of that this is fantastic blog An excellent read I will certainly be back

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى