Articles

وترحل يا عبد الله !!

بقلم فاضل غي

وارينا جثمانك الثرى يا عبد الله بكل الإمتعاض والأسى والحزن ،لكن بقلوب راضية بقضاء الله وقدره ،فبموتك أيها الفطحل الألمعي فقدت الدعوة الإسلامية في الساحة السنغالية ركنا ركينا من أركانها المتينة ،،هكذا رثيت أخاك وصديقك الأستاذ “مصطفى غي ” قبل ستة أشهر وهكذا نرثيك اليوم يا أعز صديق و أكرم رفيق .
كنت عالمًا فقيها ،ملما بشكل مستوعب ،بأساليب أهل السنة والجماعة في تبليغ رسالة النبي الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم بالحكمة والموعظة الحسنة ،فذقت في سبيل أداء رسالتك الدعوية ومهمة التعليم كأس المرارة والخيانة والظلم ،لكن ذلك كله لم يثنك عن منهجك ومبادئك ،ومن قول الحق ولو كان مرا كالحنظل منذ شبابك حتى فاضت روحك الطاهرة الى باريها .
إيه عبد الله ، مازلت أقرأ وأعيد قراءة رسالتك التي وجهتها لي وأنت على فراش المرض في باريس عاصمة فرنسا حيث تقول ردا على رسالتي :
” وعليك السلام ورحمة الله ورحمة الله وبركاته
وبعد : أخي الوفي ،وصديقي الألمعي فاضل غي ، ما أسعدني في هذا الصباح ،لقد استيقظت بعد نوم هادئ مريح ،في جو مثالي لا يوصف ببارد ولا بحار ، وعبير رسالتك القلبية تهب علي ،وتداعب أطرافي بلمسات أرق من الحرير ،جعل الله يومك أسعد يوم عرفتك حياتك .
أخي فاضل وصديقي الوفي ، بعد زيارتك لي في بيتي ، عاودتني بنت الدنيا ، فطرقت بابي بكل عنف متبخترة في حللها القشيب من الكبرياء والعناد ،وحتى عندما فرضت علي إرادتها بمغادرة وطني وأهلي لأعود إلى فرنسا من جديد ، لم أتمكن أن أعود وحدي ، فاضطرت ابنتي مريم إلى أن تأتي إلى السنغال لتأخذني معها ، فحال كل هذا دون أن أودعك فمعذرة على كل حال يا أغلى صديق فاضل ،


أما الآن فقد تحسنت صحتي كثيرا ، وبشكل سريع ،بفضل الله ،ثم بفضل العلاج المكثف الفعال ، الذي أتلقاه من الأطباء الفرنسيين ، أنشدك بحق الصداقة ألا تنساني من دعواتك الصالحة ، لأنها سلاح المؤمن ، بارك الله فيك ، وجمع شملنا قريبا ،وهو ولي ذلك والقادر عليه .”
المخلص في حبك : عبد الله باه
هكذا خاطبتني أخي الحبيب لتطمئنني .. لكن اليوم أدركت من خلال خطابك أن بيت الدنيا زارتك كما وصفتها بكبريائها وعنادها لتحرمنا البلسم الذي كان يداوي جروحنا ويشفي غليلنا في عالم المعرفة والفقه والدعوة إلى الله ،وفي مجال الأدب والثقافة.
إيه يا فقيدنا العزيز عبد الله يا فارس منابر الدعوة ، وصاحب الشهامة والألمعية ،رمز الوسطية والانفتاح ، ليتك ترى كيف تجمع آلاف المحبين والطلبة والدعاة والأصدقاء حول نعشك في فرنسا أولا ثم في شارع “مالك سي ” بالعاصمة السنغالية حيث كانت محطتك الأخيرة من محطات عطائك ، في مركز الدعوة إلى الكتاب والسنة ،

جاءوا من كل حدب وصوب ليودعوك ، ويلقوا عليك النظرة الأخيرة ،نظرة الفراق الأبدي ، خرجوا جميعا ليشيعوا جثمانك إلى مثواه الأخير شاكرين لك ما قدمته لهم من العلم الشرعي ،ومن الانفتاح والمعاملة الحسنة ، ومن الحب الصادق الصافي .
يا أبنها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى