Articles

مقال: شيخ الإسلام وأسد أفريقيا الضاري إبراهيم إنياس

بقلم: د.عبد اللطيف حسن طلحة

كرم الله تعالى هذه الأمة برجال على مر العصور بذلوا أنفسهم وأموالهم للدفاع عن دين الله ونشر القيم والفضيلة مبتغين في ذلك وجه الله تعالى ومكانة يرجونها عند لقاء الله تعالى ، من هؤلاء الحاج إبراهيم انياس .

  لقبه أحد شيوخ الأزهر الشريف ” بشيخ الإسلام ” ، وكان أول إفريقي يؤم صلاة الجمعة في الأزهر، عضو مؤسس في رابطة العالم الإسلامي، اعتنق الإسلام على يديه في يوم واحد أكثر من عشرة آلاف شخص، أصحابه  اليوم يعدون بالملايين في مختلف قارات العالم ، ناهض الاستعمار  وخدم اللغة العربية في إفريقيا، اضطلع بمهام الدعوة إلى الله بجدارة حيث زار مختلف دول العالم لاستنهاض همم المسلمين من اجل الإقبال على الله والإعراض عما سواه، حج البيت الحرام سبعة عشر مرة، واعتمر وزار المصطفى عليه الصلاة والسلام أكثر من ذلك.

  ولد الشيخ إبراهيم إنياس رضي الله عنه يوم الخميس 15 رجب 1318هـ في طيبة وهي قرية توجد في (إقليم  كولخ )في جمهورية السنغال، نشأ في حجر والده وقرأ عليه القرآن حتى حفظه حفظاً جيداً في سنٍ مبكرة برواية ورش عن نافع ، وقد ظهرت عليه النجابة في صغره  قبل بلوغ الثلاثين سنة بدأ عمله الدعوي ،  وأقبل عليه الناس من أقطار شتى، عرباً وعجماً ينهلون من علومه، ومن أجل الدعوة إلى الله جاب الشيخ إفريقيا وكل الأقطار الإسلامية، وكثيراً من الأقطار غير الإسلامية ، وأدت به جولاته حتى إلى الصين فى سنة 1963  ينشر دين الله ويدعو إلى الإسلام بالكلمة الطيبة، ويبث علمه بين الناس ويناظر العلماء للإفادة والاستفادة فأسلم على يديه الكثير ، بلغت دواوين الشيخ  وقصائده فى مدح الحبيب المصطفى عليه أفضل صلاة وأذكى تسليم ما يقارب ستة آلاف (6000) بيت

مما كتب مدحاً في رسول الله

تمسك بأذيال النبي متابعا …………..مذاهبه والمحدثات فلا لا

فتغنيك عن دستور “كرز” وخالد ….وتغنيك عن “جون” يروم محالا

فما نبليون أو لينين ومركس………..بموحى إليهم خل عنك خبالا

 ألف الشيخ إبراهيم ما يزيد عن الثلاثمائة كتاب في مجالات التصوف والفقه والنحو والتوجيه لكن أغلبها في مدح سيد الأنبياء صلى الله عليه وسلم ،منها،  جواهر الرسائل، البيان والتبيين عن التجانية والتجانيين، الجواب الموسع عن نازلة السلم، كشف الغمة في رفع مراء علماء الأمة في توحيد الرؤية، رسالة التوبة، رسالة انيامي ، وغيرها الكثير والكثير مما يثري المكتبة الإسلامية ، نال عنه العديد من الباحثين رسائل عديدة في الماجستير والدكتوراه

مكانته في العالم الإسلامي

   نظراً لما يتمتع به شيخ الإسلام من حب في قلوب العالمين الإسلامي والعربي شغل الشيخ رحمه الله مكانة كبيرة في العالم الإسلامي نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :نائبا للرئيس ثم رئيسا للمؤتمر الإسلامي بكراتشي.، عضواً مؤسساً في رابطة العالم الإسلامي ،رئيسا مؤسسا لمنظمة الاتحاد الإفريقي لدعاة الإسلام، عضواً مؤسساً في جمعية الجامعات الإسلامية بالرباط.، عضوا في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة.، عضوا في مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة ،عضو في المجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر.

مصر في قلب الشيخ

حظى الشيخ إبراهيم إنياس بحب وتقدير المصريين رسمين وشعبيين ، ونظراً لهذا التقدير كان اول افريقي يؤم الناس بالجامع الأزهر ، وكانت له مكانة خاصة لدي الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حيث يحرص الشيخ على لقاء الرئيس حينما يحل ضيفاً على القاهرة ، ومن أجل ذلك كان ضيفاً على مؤتمرات القمم الإسلامية والعربية ، وفي هذا الصدد نذكر حادثة تدل على عمق حب الشيخ لمصر خاصة وللرئيس ناصر  وهي عندما حدثت نكسة 1967 آتى الرجل بأولاده الذكور جميعاً وطلب من الرئيس أن يكونوا ضمن جنود الجيش المصري لحين أن تتحرر الأراضي المصرية من براثن الاحتلال الصهيوني ، لكن الرئيس رحمه الله أرسل أولاد الشيخ للتعلم بالأزهر الشريف ، أيضا عندما طلب الشيخ إبراهيم إنياس  من الرئيس السادات  إمداد السنغال بعلماء الأزهر الشريف لتدريس اللغة العربية والشريعة الإسلامية حرص الشيخ بنفسه على استضافة البعثة الأزهرية في بيته أول سبعينات القرن الماضي وكان يحرص على تذوق الطعام بنفسه حتى يتأكد من جودته وصلاحيته قبل تناول العلماء له .

   لشيخ الإسلام الحاج إبراهيم إنياس صولات وجولات في العالم أجمع ، لا بل أن له أتباع بعشرات الملايين في شتى بقاع العالم رغم وفاته26 يوليو 1975   ، نذر الشيخ حياته لنصرة الإسلام والمسلمين في قارات العالم فكانت له إسهاماته الطيبة في نصرة القضية الفلسطينية حتى أن ابناءه وأحفاده يخصصون يوماً كل عام للأقصى ، ويدعون إليه علماء ومسؤولي الأمة حتى لا ننسى القضية الأم للمسلمين ، وكنت أحد من تشرف بحضور هذا المؤتمر لعامين متتالين .

   إن الشيخ إبراهيم إنياس يحتاج بالفعل إلى مجلدات وكتب تحكي جهاد هذا الرجل العظيم ، ويجب على مؤسساتنا العلمية والدينية هنا في مصر لا بل في العالم العربي والإسلامي أن تبرز دور هؤلاء العلماء في أدبياتهم وكتبهم ليعرف أبنائنا هذه الرموز الخالدة .
لقد زرت بالفعل مدينة الشيخ إبراهيم إنياس في أقصى السنغال ، ولقد زينها الشيخ عليه رحمة الله بمسجد من أفضل وأكبر المساجد في إفريقيا ، بالمسجد مكتبة كبيرة بها كافة العلوم الدينية والعربية ، تذكرني هذه المدينة بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث الروحانيات .

  يبدو أننا لا نعرف كثيراً من علماء إفريقيا الذين ملؤا الدنيا بعلمهم وجهادهم ، من هنا من جريدتنا الغراء (الأسبوع )سنبرز خلال النصف الأخير من شهر رمضان الضوء على  أهم العلماء والمجاهدين الأفارقة والذين كانوا حائطا منيعاً في صد حملات التنصير في إفريقيا قاطبة إن لم يكن في العالم أجمع  ، إنها قصص حقيقية تستحق أن ندرسها ونعلمها لأبنائنا ، رحم الله تعالى الشيخ إبراهيم انياس وبارك في أولاده وأحفاده

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. مقال رائع عن رجل عظيم…شكرا لقلمك شكرا.. فحديث عنه يطربني. إنه رجل لن تنجب إفريقيا مثله مع ما انجبت من العظماء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى