Articles

مقال: كان بإمكانكم أن تعتذروا يا خادم الحرمين الشريفين !!

بقلم: د. أحمد سك*

في ظل هذه الظروف القاسية والأوضاع الاستثنائية التي يشهدها العالم اليوم بسبب هذا الوباء (COVID 19) الذي يجتاح العالم، ويضرب اقتصاد البلدان بلا رحمة ولا سابق إنذار، وأصبحت كل دولة تعلن حالة الطوارئ، وتصيح بأعلى صوتها: “نفسي نفسي”، وتستأثر بما عندها وتدَّخرها لشعبها  يأتي خادم الحرمين الشريفين؛ الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله ونصره- بسخائه وكرمه ليدشِّن برنامجا في غاية الأهمية لتفطير الصائمين، بتنفيذ من وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد ممثلة بالملحقية الدينية بسفارة المملكة العربية السعودية في دكار عاصمة السنغال، وقد استفاد من هذا البرنامج ما يزيد على 1.200 أسرة من مختلف أنحاء البلاد، وقد تسلم كل أسرة سلة غذائية سخية تشتمل على أساسيات الحياة؛ من الأرز والزيت والسكر والقهوة والحليب.

وهذه المساعدات جاءت في وقتها مع حلول شهر رمضان المبارك، وتوقف معظم الأنشطة الاقتصادية وتقلص فرص العمل وأوقاته في شتى المجالات؛ كالنقل، والصيد، والتجارة بشكل عام؛ نتيجة حالة الطوارئ المفروضة من قبل السلطات السنغالية للحد من انتشار فيروس COVID 19 الذي أجبر الجميع على التقهقر، وألزم الناس بيوتهم، وعطل كثيرا من أرباب الأسر عن العمل حتى أصبحوا في حيرة من أمرهم.

في ظل هذه الظروف القاسية التي يعيشها الشعب، وفي دجى هذه الليلة الظلماء التي لا يدرى متى ينقشع ظلامها، طلعت علينا شمس خادم الحرمين الشريفين بهذه السلات الغذائية السخية! التي استحسنها كل من شارك في توزيعها، واستبشر لها كل من استفاد منها.

كان بإمكانكم يا خادم الحرمين الشريفين – في هذه الظروف العصيبة التي عمَّت وطمَّت – أن تعتذروا عن مثل هذه المعونات إلى أن يفرج الله عنا الكربات؛ لكنني أعلم علم اليقين أنكم لم تفعلوا ولن تفعلوا؛ لأنكم باختصار: آثرتم السير على خطى أسلافكم؛ فقمتم بواجبكم تجاه هذا البلد كلما سنحت الفرصة أو دعت الحاجة؛ واخترتم المحافظة على تلكم العلاقات الأخوية بين البلدين التي تزداد تطورا وقوة يوم بعد يوم.

كان بإمكانكم أن تعتذروا يا خادم الحرمين الشريفين؛ لأن علاقاتكم التاريخية مع هذا البلد لا زالت محفورة في ذاكرة شعبها، وقلوبهم مشحونة بحبكم واحترامكم، ومن الهين على الحبيب أن يعذر حبيبه.

كان بإمكانكم أن تعتذروا يا خادم الحرمين الشريفين؛ لأن جهودكم السابقة ودعمكم المستمر لهذا البلد تشفع لكم.

كان بإمكانكم أن تعتذروا يا خادم الحرمين الشريفين ؛ لأنكم قد وقفتم مع السنغال جنبا إلى جنب ماديا ومعنويا في كل الاتجاهات؛ فكم مؤتمرا وقمة إسلامية عقدت في أرضها بفضلكم ودعمكم!، وكم طريقا عبدت ليربط بين مدنها في ربوعها الممتدة بسخائكم وتمويلكم!، وكم بئرا حفرت لتوفير مياه صالحة للشرب في قراها النائية بجودكم وكرمكم، وكم مسجدا شيد في مدنها المختلفة يرفع فيه الأذان وتقام فيه الصلوات منحة منكم أو من أحد أفراد شعبكم!، وكم طالبا قبلت في إحدى جامعاتكم ينهل العلم من منبعه الصافي دون مقابل ليرجع بعد سنوات إلى أهله يعلمهم دينهم، ويدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة، وينذرهم لعلهم يرجعون.!

لهذا وغيره يا خادم الحرمين الشريفين كان يسعكم الاعتذار “والعذر عند الكرام مقبول”.

لكنكم – رعاكم الله- أبيتم إلا أن تكونوا سابقين إلى كل خير، رائدين في مجال الإغاثة ونصرة المسلمين، قدوة في البذل والعطاء، وتلبية حاجات جميع الشعوب قدر الاستطاعة، وتقديم المعونات إلى الفقراء والمحتاجين في جميع أنحاء العالم مهما كلفتكم، وكأن لسان حالكم يتلو آناء الليل وأطراف النهار : “ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة”.

لذا فإننا في مؤسسة دار الاستقامة للتربية والتنمية نرفع أسمى آيات الشكر إلى حكومة المملكة العربية السعودية؛ وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين: الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله ورعاه- وسمو ولي عهده الأمين: الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز أيده الله ونصره ومتعه بالصحة والعافية على هذه المبادرة السخية، وعلى هذه اللفتة الإنسانية الأخوية .

كما نشكر وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، وعلى رأسها معالي الشيخ الدكتور: عبد اللطيف آل الشيخ على اختيار السنغال من بين المستفيدين، ومؤسسة دار الاستقامة للتربية والتنمية من المؤسسات المتعاونة لتنفيذ هذا البرنامج المهم.

والشكر أيضا موصول إلى سعادة سفير المملكة العربية السعودية في دكار : فهد بن علي الدوسري، والملحق الديني الأستاذ: هزاع المطيري – حفظهما الله- على رعايتهم الكريمة لهذا البرنامج الذي سيسهم حتما في تخفيف وطأة هذه الجائحة وتبعاتها على الشعب السنغالي عموما، وعلينا نحن أيضا كمؤسسة تعنى بالتربية والتنمية معا، وتعقد عليها آمال كبيرة من قبل شريحة واسعة من فقراء ومحتاجي هذا الوطن.

شكرا لخادم الحرمين الشريفين ولولي عهده الأمين.. شكرا لمعالي الوزير.. شكرا لسعادة السفير وللملحق الديني على ما تبذلونها من جهود مشكورة ومبادرات قيمة لتجسيد معاني الأخوة وترسيخ مبادئ التعاون والتضامن مع العالم أجمع في السراء والضراء وحين البأس.

*رئيس اللجنة الاجتماعية لمؤسسة دار الاستقامة للتربية والتنمية بالسنغال

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. تجمعنا شهاده لا اله الا الله
    ووما جمعنا بكم الترابط في الله يبقى
    اما الترابط السياسي ينتهي بنتهى المصالح
    فسنبقا اخوه وكان الله في العون العبد ما كان في عون اخيه
    تحياتي لكافه شعب السنغال الكريم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى