actualite

مصر والسنغال تحت مِجْهرِ التّاريخِ والحضارةِ .

بوبكر السنوسي

 الرّياضةُ نسقٌ من الأنساقِ الاجتماعيّةِ التّي تساهمُ بدورٍ فعّالٍ في بناءِ شخصيّة الفردِ ، وتترك فيه أثرًا إيجابيًّا على جانبه النّفسيّ والعقليّ والجسميّ ، كما تركّب في جسمِ الفردِ أجهزةً صِحِّيّةً تحاربُ الأمراضَ ، وتقلّل وجودَ ظاهرةِ التّجاعيدِ العضليّة ، وإلى جانب ذلك تلعب دور تقليل الفجوة الثقافيّة بين الشعوب ، وإلى حدّة الصّراعِ الحضاريّ بين الدّول ، وتعتبر كذلك ميدانا تستغله النظم السّياسيّة لصرفِ الأنظارِ عن الشئون العامةِ والاهتمام بها ، ما يدفعها تارة إلى تمويلِ الفرقِ ومجالاتِها الرّياضيّة .

مصرَ أمّةٌ من الأمم الأفريقيّة لها تاريخها المجيدِ بين الحضارات والشّعوبِ ، حققتْ عبر التّاريخِ فتراتٍ من الازدهارِ الحضاريّ والتطوّر الفنّي ، أدّى الشعوب الأخرى إلى الهجرةِ إليها بصورةٍ مكثفة ، بُغيةَ التلاقحِ والاحتكاكِ بعلومِها وفنونِها ، وتوريدِها قصْدَ سدِّ فراغِهم العلميِّ والحيويِّ ، وتقليل الجمودِ الفكريّ والأدبيّ على مستوى مؤسساتِهم العلميّة والمهنيّة والفنيّة ، وتلك الهجرات التّي تقوم بها الشعوبُ تعبّر عن حيويّةِ مصرَ وإنسانيّتِها في التّعاملِ ، ورُقيِّ جانِبِها الحضاريّ ، وامتدادِ مدنيّتِها في مختلف الأصعدةِ .

لكنّ أساليبَ حمايةِ الهُويّة ، وتعزيزَ النّعرةِ الوطنيّة في نفوس المواطنين ، تارة تنحى منحًى آخر من حيثُ الكراهيّةُ والعاطفيّةُ والنزعةُ العنْصُريّةُ والقوميّة ، وهذه كلها لا تؤدّي البشريّةَ إلى تحقيقِ الأمن والاستقرار ، سوى تدميرِ جسورِ التواصل بين الأفرادِ ، وتأزّم الانسجامِ الإقليميّ …!
 
والسّنغال بلدٌ أفريقيّ له تاريخه المجيدُ في قلب غرب أفريقيّا ، له حضارته الإسلاميّة وقيمُهُ الأخلاقيّةُ والإنسانيّةُ ، ساهم في تعزيزها إيمانُ سكانِها الذي بات يحدد مسارَ فكرهم واتجاهاتِهم السّلوكيّة ، وانتمائُهم برابطةٍ دمويّةٍ ولغويّةٍ واحدةٍ ، عُرِف سُكّانُها بحسنِ التّعاملِ والتّعاطُفِ ، ونشرِ المحبّة والوئامِ بين الشعوب الأخرى ، أدّاهم إلى اعتبارِه مُنتجَعًا سياحيًّا كبيرًا ، يقصدُه أبناءُ البلدانِ العالميّة والإقليميّة المجاورة .

يكسبُ السياحيُّ والحملاتُ الاستكشافيّة والرّياضيّة ، والبعثاتُ العلميّة والثّقافيّة والدّبلوماسيّة ، احترامًا وتعاطُفًا بدرجةٍ كبيرةٍ لدى أبناء السّنغال ، حتّى يعتبرَهم أبناءَ لهم جنسياتُهم السّنغاليّة وهوّيَتُها ؛ نظرًا للصّلاحيّاتِ التّي يتمتعون بها ، وحسنِ وضعهم الاجتماعيّ والأمنيّ …

وعلاقة السّنغال مع الدول الأخرى خاصة دولة مصر ، علاقة تاريخيّة وعلميّة حيثُ كانت مصر أولى دولة اعترفتْ استقلالها ، واعتبارها جمهوريّة لها أجهزتُها ومؤسساتها الإداريّة ، كما كانتْ مصر مقصدَ أبناء مختلف البلدانِ لأجل تحصيلهم العلميّ ، وتعميقِ دراساتِهم الأكاديميّة والبحثيّة حيث مؤسسة أزهر الشّريف ، وهذه العلاقة ما زالتْ مستمرة يجسّدُها اهتمامُ رؤسائِها بالقضايا الإقليميّة وتوافقهم حول تقليل ظاهرةِ الإرهابِ والتطرّف في غرب أفريقيّا ، وفي مجالِ تنمية الجانب الثقافيّ والعلميِّ عبر بعثاتٍ علميّةٍ تكسبُ دفئًا وجوًّا مناسِبًا من قبل الدولتين لتنفيذِ المهمّة .
سنغال من الدول التّي ليست في قواميسها أبجديّاتُ التّدمير للجانب القيميّ  والمدنيّ ، والتمايز العرقيّ والعنصريّ ، والكراهيّة على حساب الشعوب الأخرى ، وما شاهدْنا في مباراة الفاصلِ للتصفياتِ الأفريقيّة المؤهلة لكأس العالمِ ، ليستْ سوى سياسةِ إذكاءِ الحماسةِ في نفوس لاعبيها ، وتجميدِ روح المعنويّة في نفوس الفراعنَةِ ، وتلك السياسة يقوم بها مشجعو الأنديّة الاحترافيّة والمنتخباتِ لأجلِ زرع القلق في نفوسهم ولإلحاقهم الخسارة .
والزاوية التّي نظرَ بها بعض إعلاميّ مصرَ وشخصياتها  للقضيّة ، نظرةٌ بعيدةٌ عن الموضوعيّة والأخلاقيّة والإنسانيّة ، لأنّ ممارساتِ أبناء السنغال السلوكيّة ، جزءٌ من فلسفتهم الحياتيّة ، لكن لا تتعدى الفكاهةِ .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى